جميل وغلام وشارلي أبدو

سبت, 2015-01-17 08:56
أبو العباس إبرهام

هنالك دخن في إدانة زعماء حزب تواصل الإسلامي لهجمة شارلي أبدو بفرنسا. فصحيح أنّها تأتي في ظلِّ إدانة إخوانية مغاربيّة للهجمة، كما أعربت عن ذلك أحزاب النهضة وجماعة التوحيد والإصلاح. ولكن الأمر يختلف فهذه الأحزاب ضد قوانين الردّة والتكفير وليست إعداميّة على التفكير، حتى الإلحادي. أمّا زعيمُ حزب تواصل فقد ظهر بعيدَ الحكم على محكوم عليه بالإعدام بتهمة الإساءة للرسول (ص) وهو يقول إنّ المحكوم عليه "مجرم نال ما يستحِّقْ". كيف يمكنُ له، والحالُ هذه، أن يرفضَ إعدام كاريكاتوريين سخروا من الرسول عليه السّلام بأكثر مما سخرَ منه المحكوم عليه؟!

كيف يستحقٌّها ولد امخيطير ولا يستحقُّها ستيفن شاربونيير؟ وطبعاً يجب التمييز بين محاججة رئيس حزب تواصل ونائبه. رئيس الحزب حاجج بأن إعدام صحفيي شارلي مرفوض بسبب إضرارِه بمصالح المسلمين أما نائبه فحاجج بأنه مرفوض مبدئياً. الأوّل حاجج بالسياسة والثاني حاجج بالشرع. وعلى أهميّة هذه الفروق إلاّ أنّها لا تُرتِّبُ فرقاً قانونياً بين عفو عن السخرية شمال البحر وإعدام بسبب السخرية جنوبه.

توقُّعاتي أنهما سيرتِّبان تفصيلاً بين المسلم وبين الكافر، أي بين المرتد وبين الذي لم يدخل الإسلام أصلاً، فينحو الأخير من الإعدام بسبب سبِّ النبي ولا ينجو الأول. طبعاً هذه محاججة متكلّفة و لا تستقيم، إذ في تاريخ الإسلام كانت أحكام الذمة والمُعاهدين والديبلوماسية الإسلامية أشدّ على غير المسلم منها على المسلم. وحجة تشديد القوانين على المحليين وتخفيفها عن غير المحلين هو من التقاليد القومية والوطنوية العلمانية، وليست من العالمية الدينية، ذات القوانين الأبدية (طبعاً نظرياً فقط).

فكّرتُ كثيراً فيما سيقولانِه أمام هذا التّناقض. لم يظهر لي شيء. والمشكلة ليست في هذا، بل في أنّهما يسقُطان في فخِّ محاججة امخيطير، الذي أدخل في النِّقاش قصة العنصرية الزاويّة وخلاصتها هي التالي: القانون يُطبّقُ فقط على المستضعفين، كامخيطير، سليل الأسرة الحداديّة، و لا يُطبّقُ على الأقوياء، كالفرنسيين المنيعين بإمبراطوريّة ديغول.

لقد قمتُ سابقاً بهذه المحاجحة ضدّ الجنرال عزيز، أستاذ الازدواجية القانونية.
هذه المحاججة تلزم أيضاً آل سعود، الذين يجلدون ليبرالياً ضعيفاً انتقد المؤسسة الدينيّة ويسكتون عن ليبراليتهم الملكيّة. "إذا سرقَ فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرَقَ فيهم الوضيع أقاموا عليه الحدّْ".

من صفحة الكاتب على الفيس بوك