إلـى سفارة الولايات المتحدة في انواكشوط

سبت, 2015-01-17 13:16
عبيد اميجن

تعـرف سفارة الولايات المتحـدة، أن الدولة الموريتانية ينقصها، ديبلوماسي قادر على التغلغل فـي أعمـاق أجهزتها السياسية والحكوميـة، والدخـول إلى أخبية مجتمعاتها، حتى يختلط بشرائحها، ....ويتعايش مع باعة ال...ثريد ورواد الأسواق والأفكار، فيبدو كما لو أنه واحـد منهم، وأن يبسـط في القـول والفعـل، وقد يفوق فـي الظرافـة وحسن الخطاب سلفه سعادة السفير جوزيف ليبارون.
وتعرف السفارة الآمريكية، أن مبادرة من هذا الصنف القريب من الناس الطيبين، بحيث يكون صاحبها قادر على أن يشاطر المحرومين همومهم وأحزانهم، والاشترك فـي الأفراح السعيدة والاحتفالات الموعودة، و على تقدم المشورة لمـن ينتهك القانـون الدولـي، وهو يجري خلف التمويل والشراكة، ويحبـذ الجلوس مع المانحين في قاعة واحدة، يطارحهم الحب والغرام.
وتعرف السفارة الآمريكية، أن موريتانيا بحاجـة لمن تتبادل معها المواعيد والهواتف والعناوين، ومن يعجبها لصراحته وجرأته وقوة جبروت بلده، وحسن تدبيره للقروض والتقاضـي عن الزلات والهفوات، بحق مواطنيها، فوجدوا كل ذلك فـي سعادة السفير لاري آندري، فهـو اخبير في الشؤون الإفريقية، و القادر علـى التطبيع مع مجتمعاتها والعمـل في دولها السابحة في بحار الفساد والسائرة بعينين مغمضتين.
وللسلطات الموريتانية، تاريـخ طويل فـي الانقياد خلف مبادرات الديبلوماسيين الغربيـين كلما أحست بدرجة الاحتقان الاجتماعي أو ازدادت مخاوفها جراء تفاقم مطالب الرحيـل التي تطيل كل أزماتها السياسية، أو انزعج القصـر الرمادي من التقارير الإستخباراتيـة الواردة اليه تباعا من ادارات التصنت والاستماع لهمزات وغمزات وحركات وسكنات المواطنين، ...وتحتفـظ الذاكـرة القوية بدور الممثلة المقیمة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمیة فى موریتانیا السيدة سیسیل مولینییه، قبيـل الإنقلاب على الديكتاتور معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع، أغسطس 2005،... فقـد استطاعت السيدة مولينييه، التي تربطها علاقات متشعبة مع الأوساط الحزبية والنقابية والاجتماعية في موريتانيا، وبفضل اليـد الطولـى لها على طالبي المنح المالية لدى صناديق الأمم المتحدة في انواكشوط، وصلاتها المشهودة والملموسة بالأليزييه حيث يقيم رفيقها الرئيس جاك شيراك، الذي بفضله لـم يكن ليسـد أمام المدام مولينييه باب في موريتانيا، ... وصلت الثقـة في السيدة ذات الجنسية الفرنسية اى حد أوعز لها الرئيس الموريتانـي بالدعـوة للحوار السياسي بين أطراف جبهة المعارضة والنقابات والحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي PRDS وأن تشارك أيضا بقية التشكيلات الموالية لنظامه بما في ذلك حزب RDU، الذي يتزعمه الزعيم السياسي/القبلي السيد أحمد ولد سيدي بابه..!
وكانت المدام مولينييه، عند حسـن الظـن، فهـي سيـدة جبارة وتملك ملكة خلط الأوراق، فرعت على الفور الحوار السياسيي بين من لاتجمعهم أرضية مشتركـة، ونظمت بالتنسيق مع الحكومـة الطاولة المستديرة في فندق "مونوتيل دار البركـة" ..وموالاة من المبعوثة الأممية لصديقها "الرئيس البائد" عملت على انجاح آخر خطوة من شأنها افتداء النظام الطائعي، وتجنيبه الاصطدام بصخرة الرفض الجماهيـري..، لولا أن الله سلم.
وللسفارات العربيـة المعتمدة في انواكشوط، أيضا أدوارها المشهودة في التخطيط للإنقلابات والمبادرة إلى رعاية الفعل السياسي الموريتاني وتوجيه بعض الفئات والأوساط الشعبية، وفـي إثارة النعرات ضد البعض الآخر، وقد رعت تلك البعثات الديبلوماسية مراسيم البيعـة والتأييد لزعماء عرب معينين، كل هذا، على حساب شعارات الجمهورية الاسلامية الموريتانية، والوارد تضمينها في الثلاثـي (شرف-اخاء-عدالة)، ويطلب من الجميع التقيد بتلك الشارات وتنميتها بين المواطنيـن. 
فائـدته، أن سعادة السفير لاري آندري، بوصفه سفيــرا للولايات المتحدة في انواكشـوط، لم يفوت فرصـة الهمس في أذن الأستاذ سيدي محمد ولد محم، فعلـى منوال غيـره أعلم السلطات الموريتانية، بموعـد الحوار مع الحساسيات الاجتماعية الأكثر تأففا وسخطا من سياسات الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وقـد لاقـى الرد ايجابا.
ضرب الجميـع موعدا للقاء على طاولة مشتركـة للتباحث حول الأرق الموريتاني وتقديـم مقترحات النظام بشأن انهاء معضلة الإسترقاق، ودراسة انتقادات المعارضين للموقف الرسمي... وكنت أتمنـى على سعادة السفير لاري آندري، البحث مع الأطراف المدعـوة لقياس مدى جديتها واستعدادها لمساعدة الولايات المتحدة في المسألة التي عرضتها، أمام الموريتانيين. 
كان علـى السفير أن يدرك، من سيجلس عن يمينه من ممثلـي جمعيات الضحايا، وفي الحالة العادية يمكنني أن أخمن تمثيل العناصر المدعوة لشريحة لحراطين بوصفها المتضررة من الظاهرة... ومن سيجلس عن يساره ولا يعقل أن يخاطب في هذه الحالـة سوى المواطنين الأحرار، أما أن يجلس على الجهتين المنحدرين من غير الأحرار، ففـي وضع كهذا، الذي حصل منذ أيام لن يكون أمامي سوى القول، يا سعادة السفير لقد فشل مسعاك،...وأن كنت لا تفهم قولـي فإنني أصارحك.." لقد خدعوك.."، حين أوفدوا لك ممثلين مـن شريحة واحدة، ...لقد فشلت مبادرة السفير لاري آندري..، فلا داعي للقلق أيها التائهون !

من صفحة الكاتب OubeidI​