رغم الانخفاض الحاد بأعداد طالبي اللجوء الوافدين إلى ألمانيا عام 2017، فقد استمرت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل بتطوير آليات لتقليص أعداد من سيبقون منهم في البلاد من بين 1.3 مليون لاجئ وصلوا إلى البلاد خلال العامين الماضيين.
وواكبت السلطات عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، بزيادة المحفزات لأمثالهم الراغبين بالعودة طواعية لبلدانهم.
وفرض الجدل حول لم شمل اللاجئين نفسه بقوة على المشهد السياسي الألماني طوال العام 2017، وأسهم خلاف الأحزاب الألمانية حول هذا الموضوع بإفشال تشكيل حكومة جديدة، في حين شهد العام تراجعا بالاعتداءات الموجهة ضد مراكز إقامة اللاجئين.
واستقبلت ألمانيا في العام 2016 نحو 230 ألف طالب لجوء، بعد استقبالها 890 ألف عام 2015، أما العام 2017 فقد كشفت الإحصائيات الرسمية عن وصول 173 ألف طالب لجوء منذ بداية عام 2017 حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وشكل إغلاق طريق ما عرف بغربي البلقان بعد توقيع اتفاقية استعادة اللاجئين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في مارس/آذار 2016، السبب الرئيسي بالتراجع الكبير لأعداد طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى ألمانيا في العامين الماضيين، بعد موجة اللجوء الكبيرة خريف 2015.
تشديد وتحفيز
وتوقع وزير الداخلية الألماني توماس ديميزير أن يقل عدد القادمين حتى نهاية العام الجاري عن مئتي ألف شخص، وبمواكبة هذا المستوى المنخفض بأعداد اللاجئين دعا ديميزير إلى التوسع بإقامة مراكز لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.
كما أيد الحزب المسيحي الديمقراطي -الذي ينتمي إليه ديميزير وتترأسه ميركل- تحديد إقامة طلاب اللجوء الجدد بمراكز خاصة حتى صدور قرارات بشأن طلباتهم، لتسريع ترحيل المرفوضين منهم.
وشهدت بداية يونيو/حزيران الماضي تطبيق الحكومة الألمانية لثالث تشديد تدخله على قانون اللجوء، الذي تضمن التوسع بترحيل أصحاب طلبات اللجوء المرفوضة لبلدانهم، والسماح لسلطات اللجوء والهجرة بالدخول على الهواتف الذكية للاجئين المشكوك بهوياتهم.
وضمن مساعيها لتقليل أعداد اللاجئين طورت السلطات الألمانية برنامجا أطلقته عام 2016 لتحفيز عودة أعداد كبيرة من طالبي اللجوء لبلدانهم طواعية، ويحمل هذا البرنامج اسم "مساعدة للبداية".
وعبر هذا البرنامج تمنح مكاتب الهجرة واللجوء -إضافة لقيمة بطاقة الطائرة الموجودة بالبرنامج قبل تطويره- مبلغ 1200 يورو لكل لاجئ يقرر المغادرة من تلقاء نفسه إلى بلده، ويمنح المبلغ نفسه لأفراد الأسرة، على أن تمنح كل أسرة من هذه الفئة مكافأة إضافية إن زاد عدد أفرادها على أربعة.
وفي إطار هذا البرنامج اتفقت الحكومة الألمانية مع منظمة الهجرة الدولية على مساعدة الأخيرة لطالبي اللجوء الذين يغادرون ألمانيا، بالبحث عن سكن وعن فرص عمل بعد عودتهم لبلدانهم.
وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري أطلقت الحكومة الألمانية برنامج تحفيز موجها لطالبي اللجوء الذين ينتظرون تحديد مواقفهم، ويسري هذا البرنامج حتى نهاية فبراير/شباط القادم، ويتضمن منح مساعدات مالية وعينية بقيمة ألف يورو لكل طالب لجوء يقبل المغادرة طوعا، والتخلي عن استكمال الإجراءات القانونية للجوئه، وبقيمة ثلاثة آلاف يورو لكل أسرة تفعل الأمر نفسه.
ويحصل هؤلاء المغادرون من تلقاء أنفسهم على هذه المساعدات بعد وصولهم إلى بلدانهم، إضافة للمساعدات الموجودة ببرنامج "مساعدة البداية".
لم الشمل
ووفقا لأحدث إحصائيات الداخلية الألمانية، يتصدر السوريون المرتبة الأولى بالنسبة لعدد اللاجئين المعترف بهم في ألمانيا ويبلغ عددهم 550 ألفا، يليهم العراقيون 300 ألف، ثم اللاجئون الأفغان 54 ألفا.
ويمثل اللاجئون الحاصلون على حماية جزئية من الجنسيات الثلاثة أكثر المتضررين من وقف الحكومة الألمانية في فبراير/شباط 2016 إجراءات لم شمل اللاجئين الحاصلين على حماية ثانوية لمدة عامين.
ويمنح الجهاز الألماني المركزي للهجرة واللجوء حماية جزئية بدلا من حق اللجوء الكامل للأشخاص الذين يعتبرهم غير ملاحقين ولا يمكن ترحيلهم لبلدانهم بسبب اضطراب الأوضاع فيها.
وأضاع وقف إجراءات لم الشمل حتى مارس/آذار القادم فرصة استقدام الأهل والأقارب من الدرجة الأولى لنحو 150 ألف سوري و112 ألف عراقي و26 ألف أفغاني من الحاصلين على حماية ثانوية.
ولعبت خلافات الأحزاب السياسية حول هذا الموضوع دورا رئيسيا بإفشال تشكيل ميركل حكومة جديدة بالائتلاف بين حزبها المسيحي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر بعد انتخابات البرلمان الألماني ( البوندستاغ) في سبتمبر/أيلول الماضي، وتلقي هذه الخلافات مجددا بظلال قاتمة على المباحثات الجديدة لتشكيل الحكومة بين الحزب المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وبالسياق نفسه، شهد عام 2017 ارتفاع نسبة رفض طلبات اللجوء إلى 38.5% مقابل 25% العام الماضي، وأوصل هذا الرفض عدد المطلوب ترحيلهم من ألمانيا هذا العام إلى أكثر من 230 ألف شخص.
وبالمقابل كشفت الشرطة الجنائية الألمانية أن الهجمات على مراكز إقامة اللاجئين في البلاد تراجعت هذا العام بشكل ملحوظ، بوصولها إلى 264 هجوما فقط مقارنة بنحو ألف هجوم العام الماضي.
المصدر : الجزيرة