تتسارع خطى الكتل السياسية في بغداد للإعلان عن تحالفات جديدة استعدادا لصيف انتخابي ساخن، بينما تثور تساؤلات عن مستقبل حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون المنبثق عنه بعد إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي تشكيل كتلة جديدة "عابرة للطوائف".
وتتحدث مصادر أن العبادي سيعلن خلال الساعات القادمة عن تشكيله الجديد، وأنه يضم بعض الشخصيات السنية مثل وزير الدفاع السابق خالد العبيدي وشيوخ عشائر من الموصل وتكريت والأنبار، في حين يعتبره مراقبون تغييرا لقواعد اللعبة الانتخابية السابقة.
كما أعلن عن تشكيل تحالف بين رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وكل من نائب رئيس الجمهورية إياد علاويونائب رئيس الوزراء صالح المطلك، في كتلة ربما تكون الأكثر جذبا للسنة رغم بعض مكوناتها الشيعية.
وبرزت تحالفات أخرى مثل ائتلاف "سائرون للإصلاح" الذي يمثل الصدريين وبعض القوى الليبرالية، و"كتلة الحكمة للبناء" التابعة لعمار الحكيم، وتحالف ضم أسامة النجيفي وخميس الخنجر وقوى سنية أخرى.
وما تزال كتل شيعية تواصل مفاوضاتها لتكوين تحالفات جديدة، في حين فضل الكثير من قيادات حزب الدعوة -مثل وليد الحلي وعلي العلاق- دعم العبادي في تكتله الجديد.
أما قائمة "الفتح" التي أعلنت عنها فصائل مسلحة فهي لا تمثل كل مكونات الحشد الشعبي، وإنما تتشكل أساسا من منظمة بدر وجهات أخرى، بينما بقيت خارجها سرايا تابعة لتيار الحكمة والتيار الصدري.
ويبدو أن عمق الخلافات بين الأحزاب الكردية سيمنعها من تشكيل تكتل موحد على أنقاض التحالف الكردستاني الذي عصفت به الأحداث الأخيرة.
تكتيك انتخابي
ويرى النائب عن دولة القانون والقيادي في حزب الدعوة عبد الإله النائلي أن الحديث عن انقسام في صفوف الحزب "مجرد أوهام، فهو متماسك وقيادته واحدة. أما النزول في قائمتين منفصلتين فهو مجرد تكتيك انتخابي".
ويقول النائلي للجزيرة نت أن في هذه الخطوة فوائد وامتيازات، منها الحصول على عدد أكبر من الأصوات ثم الائتلاف بعد الانتخابات من أجل تحقيق مشروع "الأغلبية السياسية" الذي يتبناه الحزب وسيكون بمشاركة قوى شيعية وسنية وكردية وليبرالية.
ويضيف إن الحديث عن قائمة عابرة للطائفية مجرد توقعات ليس هناك ما يؤكدها، ويرى أن الباب ما زال مفتوحا لتشكيل مزيد من التحالفات الانتخابية.
ولا يرى النائب عن تيار الحكمة محمد اللكاش أن تغييرا حقيقيا سيحصل في خارطة العملية السياسية، بل سيبقى الحال على ما هو عليه رغم وجود عناوين جديدة.
ويقول اللكاش إن هناك خلافات حقيقية بين العبادي وسلفه نوري المالكي تتعلق بطريقة إدارة الدولة والأزمات التي مر بها العراق، وهو ما دفعهما للنزول في قائمتين مختلفتين، لكن ثمة الكثير من التفاصيل ستتوضح بعد إعلان نتائج الانتخابات، على حد قوله.
خيارات ومؤشرات
ويقول الكاتب الصحفي حيدر الكرخي إن هناك خيارات كثيرة أمام العبادي، خصوصاً أن أكثر من طرف سياسي يسعى للانضمام إلى تحالفه، فضلا عن وجود مؤشرات واضحة على حجم الشرخ بينه وبين المالكي.
ويضيف الكرخي أن التكهن بقضية خارطة سياسية جديدة في البلاد "أمر صعب" لأن العراق بلد غير مستقر بكل تفاصيله، ولكنه يرى أن القوى السياسية بدأت تفكر جديا في تقديم وجوه جديدة وأداء جديد أيضاً، لكسب ثقة الشارع المفقودة.
ويستبعد الكاتب الصحفي وجود قوائم عابرة للطائفية حاليا، "لكن من الوارد ولادة تحالفات بعد الانتخابات تتجاوز الطائفة"، مشيرا إلى أن الاتفاق الأخير بين علاوي والجبوري والمطلك لا يعد تغييراً حقيقيا، فقد سبق لهم التحالف في الانتخابات الماضية.
ويرى الكرخي أن ردود فعل المالكي غالباً ما تميل إلى الانفعال، فقد بدأ يتقرب إلى الطرف الكردي بشكل كبير بعد أن خسر الكثير من مؤيديه، مما يعني أنها قد تكون ورقته الرئيسية القادمة، وربما يستخدمها في وجه خصومه المحتملين، وعلى رأسهم العبادي.
أما الحشد فهو يعيش حالة من "التخبط"، فوجود فصائل "مؤدلجة" قد يسبب اضطرابا لبوصلته السياسية، إضافة إلى وجود أطراف أخرى لا تمتلك نضجاً سياسياً، وستتحالف بطريقة ربما تميل إلى "العبثية" والعاطفة أكثر من المصالح والمكاسب السياسية، على حد قول الكرخي.
المصدر : الجزيرة