
تُدخِلُ قطر سنوياً خمسين مليار دولار للاقتصاد الفرنسي. لا تُدخل قطر عشر هذا المال لأي دولة عربيّة أو إسلاميّة. وأكثر دولة عربيّة أدخلت إليها قطر المال كانت ليبيا. ولكنها أدخلت المال إليها في هيئة أسلحة لإسقاط القذافي، طبعاً ليس لأن القذافي ديكتاتور، فقطر ديكتاتوريّة (وحتى القذافي كان يمتلك نظام تشغيل أفضل منها). بل لأن القذافي سخر من أمير قطر في القمة العربية.
ويمكن السخريّة من الاستعمار الفرنسي. وهي سُخريّة صائبة ليس فقط تاريخياً، بل حاضراً، لأن فرنسا السِّلاح صاعدة على حساب فرنسا السياحة والطّعام. ولكن قطر هي أكبر مُشترٍ للسِّلاح الفرنسي. ويمكن للفرنسيين أيضاً السخرية من قطر ورفع شعار "قطر تدعم باري سان جرمان و...الإرهاب". وهذا صحيح فقطر من خلال الشيخ النُّعيمي تُموِّلُ داعش. وقد أجبرت الولايات المتحدة الأمير حمد (و"الأميرة" موزة) على الاستقالة لأنه دعم الجماعات غير المرغوب فيها في سوريا، ووضعت مكانه ابنه جاسم محلياً ووضعت مكانه السعودية في سوريا. ولكن خُبز الفرنسيين يُدهنُ في الدّوحة. وساركوزي وصل للرئاسة الفرنسية بالمال القطري. وقطر موّلت لفرنسا ضرب القذافي. والعوائد القطرية أنقذت فرنسا من زيادة الأزمة. وقطر مُساهِم أساسي في كبريات الشركات الفرنسية: توتال وفينسي وروايال مونسو ويادس وبي إن سبور وناجي باري سان جرمان.
يُجنِّدُ التُّجار الأسماك الصغيرة في تفاوضاتِهم. ولا توجد سمكة بفكر نقدي. فينصبُّ للشارع جيل جديد من المهداويين. وتبدو ظاهريا الحرب هي بين قطر المُسلمة وفرنسا الصليبية (من المنظار القطري) أو بين فرنسا الأنوار وقطر الظلامية (من المنظار الفرنسي). وهذه حروب يُحبُّها الشغوفون. ولكنّها في الحقيقة حروب التُّجار. وبعد حملة "لا لقطرنة فرنسا" استغلّ التّاجر الفرنسي، فرانسوا هولاند، اليافطة وسحلَ الشركات القطرية وقام بتقديم الأمر هديّة للسعودية (وضغطت به السعودية على قطر ولوت به ذراعها) وفي المُقابل قدّمت السعودية تعويضات استثمارية لفرنسا.
وفي المُقابل بدأ تُجار قطر في رفع شعار الجهاد ضدّ فرنسا. واكتشفَ عُشاق الشانزليزيه فجأة أن فرنسا بلد استعماري. وبدأت حملة مقاطعة البضائع الفرنسيّة. نفس البضائع التي قوّتها قطر.
هذه المُفاوضات التِّحارية ستنتهي بأن يرجع التُّجار إلى الطاولة ويخرجون متعانقين أو يقوِّض أحدُهما الآخر ويأتيّ مكانه بتاجر حليف. الخاسر كالعادة هم السُّذج الذين يعتقدون أن الأليزي يحارب الظلاميّة أو أن الشيخية القطريّة تُجاهد في سبيل الله.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك