بدا التصعيد العسكري في سوريا اليوم تطبيقا عمليا لمواقف سياسية برزت خلال الأشهر الماضية رسمت خلالهاإسرائيل خطوطا حمراء للوجود الإيراني في سوريا لكن دون أن يجد ذلك آذانا صاغية من طهران.
وحملت الأحداث التي جرت اليوم السبت في المنطقة تطورين جديدين، الأول إسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 16من قبل المضادات الأرضية السورية، والثاني مهاجمة إسرائيل بإعلان رسمي أهدافا إيرانية في سوريا.
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي آفي يسخاروف أن التطورات التي جرت اليوم بسوريا هي فصل جديد في المرحلة التي بدأت قبل أشهر حينما شرع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التحذير من الوجود الإيراني الملموس بسوريا.
وأضاف أن "هناك حضورا عسكريا إيرانيا كبيرا في سوريا، وهذا معناه أن الرئيس السوري بشار الأسد ليس هو صاحب القرار في سوريا وإنما إيران"، مشيرا إلى أن ما جرى يعتبر مؤشرا واضحا على مدى التأثير الإيراني في سوريا.
واعتبر يسخاروف إسقاط المقاتلة الإسرائيلية تطورا جديدا وغير مسبوق، ورأى أن قصف إسرائيل المواقع السورية والإيرانية كان ردا كافيا، ولكن السؤال الكبير هو: إلى أين تريد سوريا وإيران دفع الأمور؟
وتساءل المحلل الإسرائيلي عما يدفع الأسد للسماح بهذا التصعيد "لأن إسرائيل هي القوة الوحيدة في المنطقة القادرة على الوصول إلى مقره".
خطوط حمراء
من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أنطون شلحت إن ما جرى هو تصعيد غير مسبوق، ولكن من الواضح أن الطرف الإيراني لا يرتدع، وأن إسرائيل لا تتنازل عما تسميها خطوطها الحمراء بشأن الوجود الإيراني في سوريا.
ورأى أن ذلك قد يؤدي إلى بلوغ نقطة خطيرة جدا ولكنه لا يعني بالضرورة أن الطرفين معنيان بانفجار شامل، مستدلا بطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من روسيا التدخل لدى سوريا.
وقال شلحت إن التطورات القادمة مرتبطة بالوقائع الميدانية، ولكن من الواضح أن الطرفين "تسلقا شجرة عالية ولا يعرفان كيفية النزول منها".
ولكن شلحت استبعد أن تضحي روسيا بعلاقاتها ومصالحها مع سوريا وإيران من أجل إسرائيل رغم اهتمامها بالعلاقة معها، مضيفا أنه بإمكان روسيا أن تمنح إسرائيل ضمانات ولكن هذا ليس ما تريده إسرائيل، وهو ما يبقي الوضع خطرا إذا ما أصرت على مطالبها.
ولا يتفق يسخاروف أو شلحت مع التقديرات التي تقول إن التحقيقات مع نتنياهو بشبهة الفساد قد تدفع لتصعيد عسكري أكبر مع إيران في سوريا، حيث يرى شلحت أن القول إن الدخول في مغامرة غير محسوبة من أجل التهرب من التحقيقات هو نوع من التبسيط للأمور.
من ناحيته، قال يسخاروف إن السياسة الوحيدة التي ينتهجها نتنياهو هي سياسة البقاء في السلطة، وهو يعلم أن الفشل في أي حرب يعني انخفاضا كبيرا في شعبية رئيس الوزراء، وهذا آخر ما يحتاجه نتنياهو.
وختم بالقول "أعتقد أنه لا توجد مصلحة إيرانية أو سورية أو حتى لإسرائيل بالتصعيد، فإسرائيل تريد الهدوء ولكن لا يوجد جزم في السياسة".
المصدر : وكالة الأناضول