تعليقا على مفهوم الأخطاء الطبية

سبت, 2018-05-19 13:22
الدكتور مختار وديه

قبل مدة كنت في مداومة ليلية في إحدى المصحات في نواكشوط و كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل فاذا بباب غرفة المداومة يقرع ليعلموني بوجود إمرأة تعاني مشكل في التنفس سارعت الخطى إتجاهها لأجد إمرأة سبعينية تعاني من صعوبة واضحة في التنفس مع تعرق شديد و عدم القدرة على الكلام لم أحتج الى كثير تفكير لتشخيص الحالة على أنها نوبة ربو حادة و خطيرة لتأكد إبنتها الأمر بعد قليل فوالدتها تعاني من الربو المزمن و هذه النوبة تعتبر قاتلة في دقائق معدودة خصوصا عند حدوث التعرق الشديد و عدم القدرة على الكلام و هو ما يدل على أن الجهاز التنفسي أصبح في مرحلة الإرهاق و التي يتبعها التوقف التام عن العمل! العلاج الوحيد لهذه الحالة هو بإدخال أنبوب تنفس صناعي داخل القصبة الهوائية للمريض ليتولى جهاز التنفس الصناعي مسؤولية وظيفة التنفس و هو أمر تدربت عليه من قبل و أستطيع القيام به لكن المشكل أن ذلك الجهاز غير متوفر لدي في المصحة فهو خاص فقط بغرفة العمليات أو لا يوجد من الأساس و حتى في المستشفى الوطني لكي نقوم بذلك لابد من المرور عبر روتين تعيس و شاق و هو أمر ليس في صالح المريض إطلاقا فكما أسلفت فهذه النوبة قاتلة في مدة قصيرة للغاية، دقائق معدودة،!
لم يكن أمامي سوى التعامل مع ما يوجد لدي وضعت قناع الأكسجين على وجه المريضة و حقنتها وريديا بجرعات من الهيدروكورتيزون طمعا في حدوث معجزة تجعل النوبة تتراجع عن حدتها. طبعا المريضة توفيت دقائق بعد ذلك لكن الغريب أني سمعت إحدى بناتها تقول: "هي مَاعَگْبِتْ ذِيكْ الدّگَ ال دَارُولْهَ"! بعبارة أخرى نحن من تسبب في قتلها عن طريق "خطأ طبي" و ليس نوبة الربو الحادة و الخطيرة!

......................

نقلا عن صفحة الكاتب