أيام أو أسابيع وربما أكثر تفصل لبنان عن إعلان تشكيل الحكومة الجديدة.
لا أحد يملك التوقيت الدقيق الذي سيتم فيه إعلان هذه التشكيلة لما تواجهه من تعقيدات قبل تأليفها. البعض يتوقع الإعلان قبل عيد الفطر وآخرون يعتمدون الحيطة والحذر فلا يعطون وقتاً محدداً لذلك، أولهم الرئيس العتيد سعد الحريري الذي لا يحد نفسه بتوقيت لم يلزمه به أصلا الدستور اللبناني، فيترك المسار أمامه مفتوحاً خوفاً من مواجهة تعقيدات سياسية داخلية وخارجية تحبطه والشعب اللبناني، لذلك لم يتحدث عن عد عكسي لتاريخ محدد تبصر خلاله هذه التشكيلة المزمعة النور.
السلطة الإجرائية
يعتبر مجلس الوزراء اللبناني السلطة الاجرائية في الدولة اللبنانية، وفي كل مرة يكون لبنان أمام استحقاق تشكيل حكومة جديدة، يبدأ الأخذ والرد بين اللبنانيين حول آليات التشكيل وكيفية التشكيل وصلاحيات الحكومة.، ومع أن هذه الأمور ليست مدار عمل المواطن اللبناني الذي يهمه أن يرى حكومة تتابع الملفات المعيشية التي تعنيه قبل كل شيء، إلا أن عملية التشكيل تأخذ حيزاً كبيراً من حديث السياسيين والصحافيين الذين يجدون فيها مادة دسمة لتحليلاتهم، لما للحكومة في لبنان من صلاحيات واسعة. وهذا ما يدفعنا إلى الحديث عن آليات التشكيل، وصلاحيات الحكومة.
هذه العملية المعقدة لتشكيل الحكومة، لا تحصل إلا بعد استقالتها، لأسباب حددتها الفقرة الأولى من المادة 69 من الدستور، وهي:
أ- اذا استقال رئيسها.
ب - اذا فقدت اكثر من ثلث عدد اعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها.
ج- بوفاة رئيسها.
د- عند بدء ولاية رئيس الجمهورية.
ه- عند بدء ولاية مجلس النواب .
و- عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي بمبادرة منه او بناء على طرحها الثقة.
وفق ما تقدم تعتبر الحكومة مستقيلة لتتحول إلى تصريف الأعمال بمرسوم من رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنه بعد إجراء الانتخابات النيابية في لبنان تعتبر الحكومة مستقيلة حكماً، وعليه قام رئيس الجمهورية بإجراء استشارات نيابية سمى على أساسها سعد الحريري رئيساً للحكومة، وذلك حيث يعود لرئيس الجمهورية بحسب المادة 53 من الدستور، تسمية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادا الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسميا على نتائجها.
بعد ذلك تبدأ المرحلة التالية للتأليف، إذ يقوم رئيس الحكومة الجديد، وفق المادة 64 من الدستور بإجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة من دون أن يتم تحديد مدى زمني معين لإنهاء التشكيل، وبعد إنهاء التشكيل الذي يراعي حجم الكتل النيابية وتمثيلها مع الأخذ بالاعتبار النسيج الطائفي في لبنان الذي يراعيه العرف اللبناني، يُصدر عندها رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة وفق المادة 53 الانفة الذكر، وقد نصت المادة 66 على أن لا يلي الوزارة الا اللبنانيون ولا يجوز تولي الوزارة الا لمن يكون حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة.
وفي المرحلة التي تلي إعلان التشكيلة الجديدة تنعقد الحكومة في جلسة أولية برئاسة رئيسها أو كما جرت العادة برئاسة رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري، ويتم تشكيل لجنة تكون مهمتها صوغ البيان الوزاري، ويجب أن تنتهي منه خلال مهلة شهر، إذ يكون هذا البيان بمثابة ميثاق الحكومة خلال فترة عملها، على أن يأتي مرضيا للأطراف السياسية المشاركة في الحكومة.
بعد الانتهاء من صياغة البيان الوزاري، تبدأ المرحلة الأخيرة من عملية التشكيل التي على ضوئها تمارس الحكومة صلاحياتها، حيث يكون عليها وفق المادة 64 ان تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوما من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها. خلال هذه الجلسة العامة في مجلس النواب يطرح رئيس الحكومة سياسة الحكومة العامة أمام المجلس، وعليه يقرر المجلس منح الحكومة الثقة لتمارس صلاحياتها فعلاً، أو يقرر حجب الثقة عنها فعندها تصبح حكومة تصريف أعمال إلى حين إعادة تشكيل حكومة جديدة.
صلاحيات الحكومة
وفي حال نيلها الثقة تبدأ الحكومة بعد ذلك بممارسة صلاحياتها التي نصت عليها المادة 65 من الدستور ومنها:
1- وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية.
2- السهر على تنفيذ القوانين والانظمة والاشراف على اعمال كل اجهزة الدولة من ادارات.
3- تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون.
4- حل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية اذا امتنع مجلس النواب، لغير اسباب قاهرة، عن الاجتماع طوال عقد عادي او طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منهما عن الشهر او في حال رده الموازنة برمتها.
5- يجتمع مجلس الوزراء دوريا في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور. اما المواضيع الاساسية فانها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها. ويعتبر مواضيع اساسية ما يأتي:
تعديل الدستور، اعلان حالة الطوارئ والغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الاولى او ما يعادلها، اعادة النظر في التقسيم الاداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخاب، قانون الجنسية، قوانين الاحوال الشخصية، اقالة الوزراء.