بعد مقتل شيماء الصباغ، بساعة واحدة، قال المهندس إبراهيم محلب إن القضية موضع تحقيق جاد، وإن المخطئ فيها سوف ينال عقابه دون نقاش.
واليوم، وقد مضت على الحادث ثلاثة أيام، أدعو المهندس محلب إلى أن يستعجل التحقيق فى الموضوع، وأن يظل وراءه حتى ينهيه وبسرعة، وأن يشكل لجنة على أعلى مستوى، إذا شاء، للوصول إلى الحقيقة فى القضية، وإعلانها على الناس بكل شفافية، وأن يتمسك بعدم إخفاء أى شىء فيها.. أى شىء!
أقول ذلك لأن هناك- الآن- كثيرين داخل مصر وخارجها، يحاولون المتاجرة بالقصة على بعضها، ويحاولون تضخيمها، ويحاولون إعطاءها أبعاداً غير أبعادها لأسباب لا تخفى على أحد، وسوف يدهشك أن كل هؤلاء لا يهمهم دم شيماء، ولا معاقبة الجانى الذى قتلها، بقدر ما يريدون- كما يبدو واضحاً مما يقال- إحراج الحكومة، والنيل من الدولة المصرية، والإساءة إلى جهاز الشرطة فى مجمله!
ولذلك، أتمنى أن نُفسد نحن هذا كله عليهم، وأن ننتبه جيداً إلى صغائر الإخوان وغير الإخوان، وأن تثبت الحكومة لهؤلاء المتاجرين بالموضوع أن ما حدث مع شيماء لم يكن مقصوداً، وأنه حتى إذا كان قد تم عن قصد فهى لا ترضاه، ولا تقره، بدليل أنها تحقق فيه إلى نهايته، وتصل إلى الفاعل، ثم تعاقبه بما يقول القانون.
وأرجو أن يكون المنطلق فى هذا الاتجاه هو ما صدر عن الرئيس فى احتفالات عيد الشرطة، يوم 20 يناير، حين قال فى خطابه إنه من الوارد أن تقع تجاوزات أثناء أداء الشرطة مهمتها فى البلد، وإن هذه التجاوزات رغم أنها قليلة، ورغم أنها تقع بسبب الظرف الاسثتنائى الذى تؤدى فيه الشرطة عملها، إلا أنها، كتجاوزات قليلة، وكتجاوزات هذه هى طبيعتها، ليست موضع رضا من أحد فى الدولة، وإنه هو نفسه، كرئيس مسؤول، لا يقرها، ولا يقرها من بعده أى مسؤول فى جهاز الدولة من أوله إلى آخره.
هذا هو المنطق الذى علينا أن نتعامل به مع واقعة شيماء تحديداً، ثم مع أى واقعة غيرها، وليكن لدينا يقين أن إدانة شخص أو أكثر، فى جهاز الشرطة، ليس معناها إدانة الجهاز بكامله، الذى يقوم بدوره المهم فى مجتمعنا، وسط ظروف صعبة للغاية، ولابد أن الله وحده هو أعلم بمدى صعوبتها، غير أن هذا لا يعنى، فى المقابل، أن نتغاضى أو نغض البصر عما يمكن أن يستغله ضعاف النفوس، من الإخوان، ومن غيرهم، ممن أرادوا هدم الجهاز فى 25 يناير 2011، وممن يتصورون أنهم يمكن أن يمشوا فى الطريق نفسه، بعد أربع سنوات، من جديد.
لا تتركوا واقعة شيماء، ولا غير شيماء، نهباً لكل مستغل، ولا لكل متاجر بها، واقطعوا عليهم الطريق جميعاً، وتعاملوا مع الأمور كلها بشجاعة وإحساس بالمسؤولية، نتوقعهما ولا نرى لهما بديلاً.
لقد أثبتت حكاية شيماء، بشكل خاص، وما جرى فى احتفالات الذكرى الرابعة لـ25 يناير، عموماً، أن الذين تربصوا بالبلد، بامتداد السنوات الأربع، لاتزال فيهم الروح، ولايزالون يحاولون، فكونوا لهم بالمرصاد.