(رد على مقال السيد سيره باه)
يجب أن تطمئنوا ، أيها السيد العزيز ، إلى أنه ليست هناك مبايعة مشبوهة ، أحرى أن تكون هناك خفايا لا يمكن البوح بها في الاتفاق الذي حصل بين حزب الصواب والمرشح السابق للإنتخابات الرئاسية السيد برام الداه اعبيدي ، إنه اتفاق معلن ومنشور في الصحافة بتفاصيله .
أما "الأغنية القديمة" حول مشاركة البعثيين في أحداث 1989 فإنها معزوفة "تكرر" على غير حق، دون أن تضر من توجه ضدهم، أو تنفٌع غيرهم .
إنها، كما تعلمون ،دون شك من صنع خيال البعض وهم يفضلون عبرالزمن تجاهل الحقائق ، ولكن الحقائق تظل صلبة باقية .
والواقع أنني فوجئت بتناولكم لتلك المهزلة وأنتم كما هو معروف من ضمن النخبة ...!
رغم الإصرار على هذا التكرار المتعمد، لم يكن في الماضي، ولن يكون في المستقبل، أي اعتذار عن هذا الإفتراء وهذه الإتهامات المجانية التي من المفترض أن يحاسب قضائيا من يفتريها دون أدنى برهان ودون شاهد واحد .
إنكم، تحت وطأة انزعاجكم وسبق قلمكم ، تتسائلون من جانب آخر ، عن إدارة وكفاءة السيد برام الداه أعبيدي في ترقية " الحراطين " إنه شيء غريب ! انكم تعرفون شخصيا كما يعرف الرأي العام الموريتاني بأكمله أن السيد بيرام الداه اعبيدي رفع قضية الحراطين إلى قمة اهتمامات جميع الموريتانيين ، إنه وبحق عمل من أعمال العمالقة، خلال فترة وجيزة من الزمن ، مقارنة بالنتائج المتواضعة التي أحرزها آخرون عبر عشرات السنين .
تساؤلكم ـ وهو في غير محله ـ اذا كنا مطلعين، يوحي بأنكم أنتم أنجزتهم معجزة لصالح قضية الحراطين ، فما هو هذا العمل الجبار ؟! .
فيما يخص البعث في موريتانيا ، فإن مسيرته خلال الخمسين سنة من حياته ، امتازت بالاهتمام بالمشاكل الأساسية للمجتمع مثل : قضية الاستقلال الثقافي ، وحرب الصحراء ، وقضية " الحراطين " وتعرفون ـ أو من المفروض أن تعرفوا ـ أن أول وأهم قرار اتخذ في شأن الحراطين " هو قرار إلغاء الرق عام 1980 ، الذي كان البعثيون مشاركين أساسيين فيه ، كما تبرهن على ذلك الوثائق التي لم تضيعها السجون الطويلة، ولا التفتيش البوليسي، ولا الملاحقات المستمرة .
حقا إن البلد له مشاكل أخرى ومن بينها قضية الزنوج المتكررة ومسألة التعايش ، إنها مسائل لا تتحمل المجاملات ولا التكتيكات، إن نقاشها يتطلب رجالا نزهاء ويتمتعون بالمصداقية .
إن البعثيين في مايخصهم لم يتجنبوا البحث عن حلول صحيحة وعادلة للقضية الوطنية كلما وجدوا أمامهم الرجال المناسبين في هذا المضمار ، تجدر الإشارة إلى الفترة 1980ـ1982 التي أرتبط فيها البعثيون بحوار أولي ومثير مع السادة " امبودج صمبا بيدو ، وبال فاضل" . إن سجن البعثيين في مطلع السنة 1982ولفترة طويلة هو فقط الذي أنهى ذلك التعاون البناء .
إن اللقاء شبه الأسطوري في السجن عام 1987 بين البعثيين وجماعة " أفلام " وخاصة رئيسها المتميز السيد لي جبريل ، امتاز بالتفاهم والتفتح ، إن هذا التفاهم انتهى هو الآخر رغم إرادة الطرفين ، عندما اختطف من بين أيدينا هذا المناضل وقومه ورمي بهم في سجن ولاته السيئ الصيت .
إنه من غير المجدى نبش المزيد من الأحداث التى لا يهتم بها أحد ، انها أحداث من التاريخ عاشت في السرية مدة عشرات السنين وستبقى ، إنه قدرها .