بين التعليق والتهريج!

خميس, 2018-06-07 13:48
محمد ولد اندح

التعليق الرياضي على مباريات كرة القدم ليس الصراخَ العالي؛ إذ لو كان كذلك لكفى صوتُ الجماهير من المصدر، وليس سردَ المعلومات العامة؛ إذ لو كان كذلك لارتاح المعلق وكُتبت المعلومات في شريط خفيف الظل على الشاشة، وليس تحليلَ المباريات والتدخلَ في تفكيك خيارات المدربين؛ إذ لو كان كذلك لألغيت الاستوديوهات التحليلية التي تسبق كل مباراة وتعقبها، وليسَ البحث عن كلمات مترادفة أو مسجوعة أو ملحّنة بلا قيود موضوعية؛ إذ لو كان كذلك لوفرت القنوات الناقلة ميزانية رواتب المعلقين لنفسها، وأذاعت مكان صوت المعلقين أشرطة عذبة من غناء العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، أو كوكب الشرق أم كلثوم!!! 
إنما التعليق الرياضي مزيج مهذب من كل ذلك؛ فهو رفعٌ للصوت عند الحاجة فقط، لحظة تسجيل هدف، أو عند عمل فني يستحق الانبهار، وخفضٌ للصوت في ما عدى ذلك من أوقات هدوء اللعب.
وهو ذكرٌ مدروس لما تدعو إليه اللحظة والحاجة من معلومات، بشرط أن تكون ملحة وخادمة للصورة، لا خارجة عن السياق وبعيدة عن الحدث..
وهو حديث خفيف عن سيناريوهات اللقاء، بشرط أن يهدأ اللعب، أو يتوقف، فتدعو الحاجة إلى ملء الفراغ باستقراء المباراة لمساعدة المشاهدين على توقع مآلاتها المحتملة.
وهو المهارة في استخدام اللغة، والقدرة التعبيرية على اختيار الكلمات الأنسب لوصف الحدث والتعليق عليه، ولا بأس، بعد تحقق هذا الشرط، بقليل من المحسنات اللفظية، بعيداً عن المبالغة والتكلف..

وهذا هو الفرق بين التعليق والتهريج، فاختر أيهما تكون، إما معلقاً مفيداً وإما مهرجاً تعمل في غير مكانك..

نقلا عن صفحة الكاتب