إلى المتحاملين على مقام الجندية...

سبت, 2018-06-09 01:45
سيدي محمد حديد

في لحظة تحرر من الذات، قلما يجود الزمان بمثلها، تنطلق الروح في المتهات... تتخطى عتبات المدى... توغل في الاندفاع وتمعن في التحدي، تتخطى كوابح الجسد وتخترق حدود القوة البشرية... تتجاوز حدود الزمان والمكان... تمعن في العشق والرغبة في ملاقاة "الجوهر الفريد"... جوهر يبدو مضيئا ومتلألئا في نهاية المدى...
قد يختفي الجوهر الفريد في ثنايا الكون، ويذوب في ذراته أو يختبئ بين الأشياء الصغيرة ويظل مفقودا ومتمنعا على الادراك، ولطالما كان كذلك... وتحث الروح الخطى في أعقابه، تطرق أبواب الغيب.. تسائل النجوم والكواكب والمجرات، تسمو على الحضيض، وترتفع عن الترسبات... تبتعد عن العفن والتلوث القادم من تحت حيث الأشياء الثابتة المرتبطة بالأرض والرتابة والسكون الأزلي...من هناك، من فوق تبدو صفحة الأرض صافية، تظهر النيات على حقيقتها... لا ضباب لا غبار لا حجاب...تتحرك الشخوص وفق تراتبية غريبة.. يتسابقون إلى أشياء صغيرة وغايات تافهة... يتصارعون، يتقاتلون... يجسدون ذلك الصراع الأبدي وتلك الملحمة الأزلية بين الخير والشر، هنا تقرر الروح اللاهثة وراء ذاتها الانخراط في هذا الصراع المقدس والنزال الشريف... فتتمثل جنديا سويا يتنزل إلى الأرض لدعم شريعة الحق والعدل والحب، فتحوز الروح أخيرا، بعد طول بحث وعناء على "الجوهر الفريد"...
إنه الغاية الأسمى والمطلب المقدس، مفتاح الكون وسر القوة والسعادة، الذي يعطي للفعل معنى ويمنح للقوة قانونا... هو دفقة من الإيمان تنبع من عقيدة راسخة وثابتة، وحب عميق للأشياء والكائنات التي تشكل خصوصية الذات وتلخص معاني الجندية الحقيقية...

....................

نقلا عن صفحة الكاتب