تستمر المنظمات العالمية المستقلة منها وشبه المستقلة في كشف زيف الإدعاءات التي يتشدق بها النظام الموريتاني فمنذ فترة قريبة تم وضع موريتانيا ضمن أفشل الدول من حيث إقامة المشاريع العامة ففي تقرير من 130 دولة لشركة ( أف أم جلوبال)
حلت موريتانيا في المرتبة الرابعة من الأسفل، وفي تقرير سنة 2013 حول مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية حلت موريتانيا في المرتبة 117 وبمعدل 30 من أصل 100 كمعدل تضعه هذه المنظمة، وإذا ما نظرنا إلى قاعدة البيانات المتوفرة عن موريتانيا سنة 2014 ضمن قاعدة بيانات البنك الدولي المعنونة ب (ممارسة أنشطة الأعمال في موريتانيا) سنجد أن موريتانيا انتزعت بجدارة مرتبة 173 على العالم في ذات السنة، مقابل 171 سنة 2013 الشيء الذي يظهر مستوى الفشل والتخبط الذي تعرفه موريتانيا.
وبما أن كل هذه المعطيات تصب في خانة واحدة هي الفشل الذريع كان من المستحيل أن نتوقع معلومات مغايرة في تقرير صندوق السلام العالمي لسنة 2014 الذي جاءت فيه موريتانيا في المرتبة 28 كإحدى أكثر دول العالم هشاشة ، هذا التقرير الذي يعتمد في معطياته على 12 مؤشرا كانت نتيجتها مجتمعة وضع موريتانيا في هذه المرتبة المتقدمة من الهشاشة.
التقرير اعتمد على مؤشرات بدرجات من 1 إلى 10 والمؤشرات التي تحتل درجات متقدمة أي ( 1،2،3) تدل على مستوى من التحسن والإستقرار على العكس من المؤشرات التي تكون ما بين (9،8،10) فإنها تدل على تدني وفشل هذه الدولة أو تلك.
سأذكر كل المؤشرات لكن في ما يتعلق بموريتانيا فإنني سأذكر أهم هذه المؤشرات والنقاط التي احتلتها موريتانيا ثم أحاول التعليق عليها.
المؤشر الأول : التحديات و الضغوط الديمغرافية، م. 2: اللجوء والهجرة والنزوج، م.3: التماسك الإجتماعي، م.4: الطيران المدني، م.5: التنمية الإقتصادية غير المتوازنة، م.6: التدهور الإقتصادي، م.7: شرعية النظام، م.8: الخدمات العمومية، م.9: حقوق الإنسان وسيادة القانون، م.10: الإستقرار الأمني، م.11: التنوع النخبوي، م.12: التدخل الخارجي.
كما ذكرت آنفا فإنني سأركز على أهم هذه المؤشرات، و إذا ما انطلقنا من مؤشر ( شرعية النظام) نجد أنه كان بمعدل 7,4 من أصل 10، وبالعودة إلى طريقة الحساب المعتمدة من قبل الصندوق نجد أن هذا المعدل يعدّ مرتفعا الشيء الذي يعني أن النظام الموريتاني لا شرعية له و أبسط تأثير لذلك هو هذا التصنيف الذي يأثر بشدة على فرص الإستثمار في موريتانيا (دعكم من العبارات الرنانة والفارغة التي يرددها زبانية النظام، مثل الرئيس المنتخب والرئيس المصحح فهي ليست إلى شعارات يخفون خلفها فشلهم ونفاقهم). المؤشر الثاني الذي سنعتمد عليهه هو ( الخدمات العمومية) والتي كان معدلها 8,6 من أصل 10 وهو ما يوضح مستوى التدني الذي يعرفه هذا القطاع و أعتقد أن ليس هناك من يقدر على تقديم أي اعتراض على هذا المؤشر فأن تلبَّى لك خدمة عمومية من حقك المشروع لهو أصعب وأقسى من أي شيء آخر ، ثم إن مستوى الرشوة والفساد المنتشرين يعتبران دليلا على تدني مستوى الخدمات العمومية في هذا البلد المنكوب. أما مؤشر التدهور الإقتصادي فإنه جاء بمعدل ( 7,7 من أصل 10) ، وهذا المعدل يعتبر صحيحا إلى حد بعيد ، فحلول موريتانيا رابعا من الأسفل في ترتيب الدول من حيث إقامة المشاريع العمومية (المذكور آنفا) دليلا واضحا على ذلك، و حالة مختلف القطاعات الإقتصادية جاءت مؤكدة لذلك . أما مؤشر التنوع النخبوي الذي يمكن أن يحدث تطورا على مختلف المستويات إذا ما قامت النخبة بدورها فإنه كان أحد أفشل المؤشرات فقد كان بمعدل ( 8,5 من أصل 10) ، وليس بعيدا منه مؤشر التدخل الخارجي الذي كان بمعدل ( 8,2 من أصل 10) ولطالما تم التنبيه إلى أن النظام الموريتاني الإنقلابي أضعف من أن تكون له قرارته المستقلة بل إنه يتلقى أوامره من دولة أو دول معروفة للجميع.
و إذا ما أخذنا مؤشر مجموع التظلمات فإننا سنكتشف أن هذا النظام الذي يدوس على القانون والدستور لن يكون معدله إلا (7,2 من أصل 10). إذا، و بغض النظر عن مصداقية هذا التقرير - التي لا أشك فيها- من عدمها إلا أننا قد نتفق على أن المعايير والمؤشرات التي اعتمدها تعتبر عندنا في حالة كارثية وليست هناك صعوبة في إدراك هذا الوضع إذا ما اعتمدنا على المنطق والحكم بتجرد، الشيء الذي سيوصلنا بكل سهولة إلى قناعة تامة أن هذه المعطيات تعبّر بدرجة كبيرة جدا عن واقعنا المُر الذي يحتاج إلى تغيير سريع.