النظام يلفظ أنفاسه القذرة !!

ثلاثاء, 2015-02-17 10:58
الأستاذ سيدي ولد محمد الأمين

عندما كتبت أن النظام يلفظ أنفاسه القذرة، كنت أعني ما أقول للعاملين التاليين:

الأول: أن ما يعتمد عليه اقتصاديا منهار؛ فعندما جاء هذا النظام فعل نظامه الضريبي، وابتكر طرقا قانونية وأخرى غير قانونية للجباية لترتفع مساهمات الضرائب إلى نسبة 11% من الميزانية، وانتشى بذلك في الوقت الذي كانت أسعار الحديد والذهب والنحاس مرتفعة، ونتائج السياسات في مجال الصيد البحري بدأت تثمر، فارتفعت "مرتنة" الصيد، وانخفض عدد السفن والقوارب العاملة بالصيد الصناعي من 504 في 2004 إلى 220 سنة 2008 منها 166 وطنية، مع زيادة مداخيل الصيد من 64 مليار سنة 2004 إلى 66 مليار سنة 2008، هذا مع تحسن أداء الرقابة البحرية بسبب دور موريتانيا في السياسات الأوربية للحد من الهجرة السرية، ودعم الأوربيين لبلادنا في هذا المجال..

اعتقد النظام أن هذا البناء الاقتصادي كفيل بتأمين الموارد اللازمة له لتسيير البلد من ناحية، ونهب ما أمكن نهبه (في هذا الصدد يمكن مطالعة تسريبات ويكيليكس بشأن أرصدةالأشخاص الموريتانيين في البنوك السويسرية)..

ولم يسع النظام لاستثمار الانتعاش منذ 2008 في تأسيس اقتصاد قوي لا يعتمد على المواد الأولية (التي تتقلب أسعارها بحسب السوق العالمية)، ومال إلى الشعبوية والغوغائية، والتبجح بالاحتياط النقدي، وبأن البلاد تعيش ثراء غير مسبوق!!

ولم يضع حسابا لتقلبات السوق، فعطل اتفاقيات الصيد مع الأوربيين، ومضى في مسار أحادي في الحكم، راكنا إلى معدنه الدكتاتوري الأصيل..

ولكن يبدو أنه كما يقال "الصيف ضيع اللبن" في الوقت الذي بدأت تطارده أشباح أزمة اقتصادية خانقة، من مظاهرها (البادية على الأقل) أزمة سنيم، وأزمة الصيد، وتدهور أسعار النحاس والذهب (رغم محدودية مساهمتها في الاقتصاد الوطني) وما خفي كان أعظم.

إلا أن هذه الأزمات عضدتها أزمة فساد مستشرية، فلا يكاد يمر أسبوع منذ 4 أشهر إلا ويكشف عن قضايا فساد، تتراوح ما بين كبيرة أو متوسطة، ويبدو أن هذه القضايا أكلت أبناء النظام، وألقت بعيدا كثيرا من رموزه وأعوانه، وهو ما ينذر بأزمة مستقبلية في أوساط سدنة هذا النظام، وصراع وشيك (ربما) بين أجنحته.

ثانيا: استخف الطرب (للانتعاش الاقتصادي الذي ذكرت، والنصر السياسي الذي يبدو أنه حققه من خلال تشريع انقلابه في 2008) بهذا النظام لدرجة أنه ألغى كل الطيف السياسي المشكل لموريتانيا، وسد أمامه الطريق لأي دور يمكن أن يلعبه، وتصامم بخبث عن المطالب الحقوقية والاجتماعية للشعب، والشباب، والفئات المهمشة، رافعا شعاراته الشعبوية الشهيرة (رئيس الفقراء، رئيس العمل الإسلامي، تجديد الطبقة السياسية..) والتي يبدو أنها اليوم لم تعد تنطلي حتى على أكثر أنصاره حماسا، مع تعاظم نسبة البطالة (الأعلى عربيا)، وفشل تجارب أحزاب الشباب، والارتفاع الصاروخي للأسعار، وممارسات القمع التي طالت الجميع، ووضع الوحدة الوطنية في مأزق حرج..

ولا بد أن النتيجة الحتمية لكل هذه الخيبات التي ولدتها ممارسات النظام لدى الجماهير التي انخدعت به هي تخلي الشرائح العريضة من الشعب الموريتاني عنه، وهو يواجه أصعب ظرف يعرفه في الوقت الحاضر..

ولهذا فالنظام في ظل هذه الوضعية مهدد، مع تفاقم كل هذه الأزمات، بانهيار وشيك، وهو ما يفسر سعيه للحوار لتخفيف أضرار الزلزال الذي يمكن أن يعصف به.

فهل تكون المعارضة الوطنية رحيمة به، وتمنحه ما يشبه طوق النجاة؟

أم تطلق عليه رصاصة الرحمة، ليتدبر أمره بنفسه؟

"يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون"

نقلا عن صفحة الكاتب على الفيس بوك