قوة الظلم البربرية في ليبيا التي قتلت ٢١ عاملاً مصرياً على الارض الليبية لترهب العالم وتهدده بهيمنة هذه الوحشية التي تدّعي الاسلام هي وليدة الفوضى وأنظمة ديكتاتورية فاسدة من ليبيا الى سورية والعراق. نظام القذافي القامع محا كل معالم الدولة مستبدلاً إياها بلجان شعبية تصفق لـ «كتابه الاخضر» وتعليمه الجهل. واليوم ونحن نرى الفوضى المسلحة تسيطر على دولة غنية مثل ليبيا، المطلوب انقاذ هذا البلد من وضع خطير على شعبه وعلى الدول المجاورة وفي طليعتها مصر.
ان انتقام مصر لجريمة قتل الأقباط طبيعي من دولة عدد سكانها ٨٥ مليوناً وهي مهددة على حدودها الشرقية بفوضى ليبية تعمل على نشر الذعر داخل أراضيها وخارجها. ولكن ينبغي الآن البحث عن حل جذري لمنع هيمنة التطرف المجنون الذي يدّعي الاسلام وينشر الفوضى والفساد. فالوضع المتدهور في ليبيا أدى الى كوارث عدة من بينها قضية انسانية مروعة للنازحين الليبيين الفارين من الفوضى في مراكب مافيات التهريب الانساني في المتوسط باتجاه ايطاليا. مناظر مزرية لآلاف النازحين الليبيين الذين يفضلون المجازفة وعبور البحر على متن مراكب غير آمنة للذهاب الى الشاطئ الايطالي على البقاء في بلد يسوده الارهاب تحت راية الاجرام الذي لا علاقة له بالاسلام. وهذا الارهاب الذي يريد افراغ ليبيا هو نفسه الذي ضرب فندق «كورينثيا» الذي يسكن فيه القليل من الاجانب الذين يأتون الى ليبيا. وإنتاج نفط البلد هبط الى مستواه الادنى منذ الثورة والحالة باتت تزداد سوءاً كل يوم.
أي تدخل عسكري في ليبيا يجب أن يواكبه حل سياسي مع تفاهم داخلي بين الاطراف وخصوصاً تشكيل قوة عسكرية ليبية تتمكن من نزع السلاح من المجموعات الارهابية والمافيات الموجودة على الارض. ان التدخل العسكري بالطيران ومحاربة «داعش» على الارض الليبية من دون تكوين جيش ليبي قوي ينزع السلاح ويفرض النظام لن ينجح. ان المسار السياسي الذي حاول إنجاحه المبعوث الدولي طارق متري ويستأنفه الآن الاسباني برناردينو ليون عليه ان يسرع ويصل الى نتيجة كي تشكل حكومة في ليبيا. فالتدخل العسكري من دون حكومة ليبية ومن دون قوة يستند اليها التدخل الدولي سيؤدي الى المزيد من الفوضى والمزيد من انتقال الصراعات العربية والغربية الى الارض الليبية. البعض يتحدث عن اللواء وأنيس أبو خمادة قائد القوات الخاصة في ليبيا كي يكون ركيزة لتشكيل الجيش الليبي الذي لا وجود له على الارض. فهناك سباق الآن بين تمدد قوة الظلم في ليبيا والمسار السياسي الذي يحاول القيام به المبعوث الدولي. ولكن الانتظار لمسار سياسي يطول سيؤدي الى تزايد خطر التطرف الوحشي المجنون على كل الدول المجاورة من مصر الى تونس والجزائر وايطاليا وفرنسا. فليبيا بلد غني بنفطه وغازه. وكان يمكن ان يكون جنة سياحية لو لم يخربه القذافي والآن المافيات الارهابية التي تدّعي الاسلام. ان الثورة الليبية ضد القذافي تحولت الى بؤر إرهاب وتطرف. والاسرة الدولية تدخلت لقلب النظام في ليبيا ثم تركت البلد لثوار لم تكن لديهم أي خطة لإنجاح هذه الثورة. فتصارعوا وعجزوا عن الاتفاق على نهج وادارة البلد وبناء مؤسسات غيّبها القذافي لمدة اربعين سنة مسلّماً البلد لجماعته وأولاده. فالمطلوب الآن بشكل عاجل تشكيل قوة عسكرية ليبية تتمكن من فرض النظام في البلد ونزع السلاح بمساعدة القوى الدولية. الا ان الدول الغربية وفي طليعتها الولايات المتحدة غير عازمة على التدخل على الارض. والاكتفاء بضربات جوية لن يحل مشكلة ليبيا التي تحتاج الى قوة داعمة لتشكيل جيش وطني قوي يقوم بالمهام بقيادة ليبيين يتطلعون الى مستقبل أفضل لبلد أضاع فرصة أن يكون دولة غنية وآمنة وحديثة.