نحو حكومة إنقاذ وليس حكومة استقرار

ثلاثاء, 2014-10-14 11:07
 حسن خلاف

فرز اتفاق المصالحة بين حماس وفتح حكومة مرحلية برئاسة رامي الحمد الله، وحددت مهمات لهذه الحكومة تتلخص بالتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية، وهذا هو سقفها الزمني، لذا تم اختيار طاقم هذه الحكومة وفقا لمهامها، فبطارية الحكومة بوضعها الذي أسست فيه تؤهلها فقط للاستمرار خلال مرحلة التحضير وهي 6 شهور.
ومنذ ان جلست حماس وفتح على طاولة المصالحة بدأت إسرائيل تلوح بالحرب والقضاء على هذه الحالة الوطنية، ووضعت خيارات أمام ابو مازن إما السلام أو الإرهاب إذا تصالح مع حماس. 
بمعنى ان الحكومة التي ستكون نتيجة لاتفاق المصالحة ستكون أمام محاولات كثيرة لإفشالها وإجهاض مشروعها وأيضا ستكون حكومة مواجهة حرب وحصار مالي سيفرض على كل مؤسساتها، وستنفذ إسرائيل كل تهديداتها. 
هذا هو السيناريو الذي توقعه الجميع قبل ان تنطلق الحكومة بأداء مهامها، أي انه كانت هناك مساحة كافية من الوقت لتشكيل حكومة استنادا للمعطيات الموجودة وبناء على الظروف السياسية الجديدة، أي تشكيل حكومة مواجهة حرب وحصار وليس حكومة استقرار بحسب الحالة الفلسطينية الراهنه على اعتبار إنهاء الانقسام، فالمصالحة هي فعلا حالة استقرار لكن على المستوى المجتمعي الفلسطيني وليس على المستوى السياسي في مواجهة إسرائيل. فمن غير المعقول ان ننتظر من حكومة تحضير للانتخابات شيئا غير متابعة تقارير لجنة الانتخابات المركزية والتأكد من جاهزيتها والإعلان عن موعد الانتخابات وبعض المهام الأخرى الروتينية الحياتية كإعلان بدء العمل بالتوقيت الشتوي مثلاً أو الإعلان عن أيام العطل الرسمية، وهذا هو سقف صلاحياتها.
لذا كان يجب على من شكّل الحكومة ان يقرأ تهديدات إسرائيل جيدا وان يواجهها بحكومة إنقاذ وطني بمعايير قادرة على التصدي لكل أشكال العدوان بدءً بالحصار الاقتصادي وصولا لحالة الحرب، حكومة فيها كل عناصر الصمود والمواجهة ولديها القدرة على فتح جبهة سياسية دبلوماسية مكملة للجبهة الميدانية وصمود أهلنا في القطاع، حكومة لديها خطط بديلة جاهزة للتطبيق في حالة الحرب وماكيناتها الإعلامية مستعدة.
كنا فعلا بحاجة إلى حكومة بهذه المواصفات ولكننا وجدنا أنفسنا أمام مركز أبحاث لنشر الاحصائيات واستطلاعات الرأي والتقارير، فالحكومة كانت مصابة بشلل كامل عجزت حتى عن أي محاولة لإدارة الأزمة بل وحتى عن إبداء استيائها، حكومة كلاسيكية صامته تعدت بصمتها حكومة فؤاد السنيورة ابان حرب حزيران/يونيو 2006 على لبنان إلا ان الأخيرة مارست البكاء والعويل كمخرج من الأزمة. لذا لم يكن دورها يختلف عن دور أي مواطن أو مدون على الفيسبوك حتى ان بعض المدونين بنشاطهم الاستثنائي استطاعوا تعرية جرائم الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، وكان لهم دور كبير في استنهاض حركات الاحتجاج ضد ممارسات وجرائم الاحتلال في أوروبا وبعض دول العالم.
اللوم على القيادة الفلسطينية التي شكلت الحكومة فرئيسها رامي الحمد الله لم يتخرج من مدرسة سياسية، ولم يكن رجل مفاوضات أو رجل حرب أو دبلوماسيا سابقا، هو اكاديمي أمضى عمره في إلقاء المحاضرات ووجد نفسه في وقت قياسي رئيس حكومة وحالة حرب، لذا من الطبيعي جدا ان يكتف يديه ويحك رأسه ويقف متفرجا على ما يحدث، وأقصى ما يستطيع فعله هو الدعوة لاجتماع طارئ لأعضاء حكومته. وكذلك الحال بالنسبة للوزراء فمنهم المحامي والطبيب ومهندس الاتصالات هؤلاء جميعا سيكونون مبدعين في حالة الاستقرار السياسي والهدوء الأمني أما في حالة الحرب فهم تلاميذ وحالة الحرب تستدعي أساتذه.
هذه هي النتيجة الحتمية عندما تدير الأزمات حكومة من التقنيين أو المهندسين، هدفها الإرضاء الشعبي والحــزبي والعبور من مأزق سياسي داخلي. وإذا كان رئيس الحكومة طالب بتعــــديل وزاري لشعوره بالخجل أمام مسمى رئيس حكـــومة فأنا أطالب بتغيــير كامل الطاقم الحكومي بمن فيهم رئيس الوزراء وتكليف حكومة جديدة تكون بمعايير حكومة إنقاذ وطني.