"نوبل" جبانة لملالا الشجاعة

ثلاثاء, 2014-10-14 16:58
 لميس أندوني

ملالا يوسف زاي التي أصبحت أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام، صبية شجاعة، كادت تخسر حياتها برصاص الظلامية، إيماناً بقضية حق تعليم الفتيات، ولم تسكت عن خروق حركة طالبان حقوق الإنسان، وتستحق كل الاحترام. لكن، جائزة نوبل التي نالتها ملالا (مناصفة مع ناشط هندي) لم تكن تكريماً لها بقدر ما هي محاولة لتأكيد ادعاءات الغرب، وأقصد الحكومات الغربية، بالدفاع عن حقوق الإنسان والتصدي للتطرف الإسلامي في هذه الحالة، وإعادة إنتاج أسطورة "الرجل الأبيض ضد التوحش البدائي".
تاريخ الجائزة يؤكد ذلك، فهي لا تكرم المقاتل من أجل التحرر إلا إذا ترافق ذلك مع تكريم الظالم "الأبيض"، كمثال ياسر عرفات التي نالها ليس مناصفةً بل شريكاً ثالثاً مع إسحق رابين وشيمون بيريز، مع الثائر نيلسون مانديلا مشاركة دو كليرك العنصري الجائزة. فقد هلل العالم، من البيت الأبيض إلى المؤسسات الدولية، لوقوف ملالا ضد قمع "طالبان"، وهي تستحق كل التهليل، لكنه تجاهل الجزء الآخر من معاناة مسقط رأسها، وادي سوات في باكستان، ومعاناته من إرهاب قصف الدرونز (الطائرات من دون طيار) الأميركية، وكأن إرهاب الدرونز مبرر، بل وحلال، فيما إرهاب "طالبان" حرام.
تجاهل العالم نداء وصرخة الصبية ملالا نفسها ضد الترهيب والقتل الساقط من السماء، وقد تحدت الرئيس، باراك أوباما، وجها لوجه، لدى استقباله لها في البيت الأبيض قبل عام، بقولها له إن مقتل الأبرياء نتيجة غارات الدرونز يؤجج مشاعر الاستياء لدى الشعب الباكستاني، وبالتالي، يغذي الإرهاب، مضيفة أن الحل يكمن في التركيز على نشر التعليم.
أخذ الغرب الفقرة الأخيرة من تصرح ملالا، ولم يهتم بباقي التحليل الذي لم يناسب أجندته، ولم يتماشَ مع مصالح صناع الأسلحة وتجار الحروب، واستمرت أميركا في استعمال الدرونز في باكستان وأفغانستان واليمن، وأصبح الرجل الآلي الطائر لعبة إسرائيلية مفضلةً بضجيجه المرعب، لبث الرعب في غزة. فتمت إعادة إنتاج رسالة ملالا، بحيث تتماهى مع السياسة الأميركية، لحذف الحكاية الكاملة لوادي سوات والشعب الباكستاني، أن أوباما دافع عن استخدام الطائرات الآلية، قائلا إنها تختار الأهداف بدقة وفاعلية، على الرغم من التوثيق المعلن لعدم الدقة ولقصص المعاناة.
وتتحدث تقديرات رصدها مكتب التحقيقات الصحافية الاستقصائية البريطاني، عن مقتل نحو 9500 من المدنيين، بينهم 200 طفل في باكستان وحدها، منذ بدء حملات الدرونز في عام 2009، وهي أرقام محافظة، إذ لم يتم توثيق العدد الكامل، عدا عن أن هناك قتلى، لم يتم تأكيد كونهم مقاتلين من "طالبان" أو القاعدة، إذ تستهدف الطائرات المشتبه بأنهم "إرهابيون"، بغض النظر عن الحقيقة.
لم يشر مانحو جائزة نوبل للسلام إلى نداء ملالا وحرب الدرونز المستمرة، وفي الأسبوع نفسه، تم تجاهل نداء الطفلة الباكستانية، نبيلة رمضاني، التي تساءلت بها أمام الكونغرس الأميركي عن ذنب جدتها التي قتلتها طائرة آلية، وتسببت بجرح إخوتها السبعة، تماماً كما تم تجاهل بلاغة الشاب اليمني، فارع المسلمي، وكأن شهاداتهم على الجرائم لم تسمعها سوى جدران الكونغرس، فمعظم أعضائه يختفون بطريقة عجيبة في مثل هذه المناسبات.
لا عجب هنا، فالرئيس باراك أوباما قام بتوسيع حروب الدرونز، بعد استلامه جائزة نوبل للسلام في عام 2009، وكأنه أخذ صك براءة من مسؤولية موت ضحاياها. لكن، هناك ما يستوجب الإدانة؛ إدانة جائزة نوبل الجبانة ملالا الشجاعة، لتصبح ملالا الوجه الأسمر لحروب "السيد الأبيض"، إذ هناك إرهاب ممنوع وإرهاب مسموح، تحت رعاية نوبل "للسلام".