يبدو أن تدوينة "همزت الشياطين" أمس، همزت بعض الأصدقاء لطلب المزيد من هذا الملمح الأسلوبي الذي منحته العنوان أعلاه، في مقالٍ2010:
"....وبناء على التماهي بين اللغة والمنطق، كانت الكتب اللغوية – قديما – تعنون ب"المنطق" إطلاقا، فكيف عبثت سياسة هذا الزمن الرديء بمنطق الأشياء، وعاثت فسادا في كل شيء، حتى طالت منطق اللغة ذاته؟فأصبحت الأسماء "أسماء متغيرة" لاتعنى مسمياتها، إذ صار النزيه فاشلا، ومستضعفا ومحروما، والسارق بطلا، قوي الشخصية، والمتساهل في الضوابط الأخلاقية والقانونية مرنا و"شاطرا"،والملتزم بها معقدا ومريضا، والخمور والمخدرات مشروبات ومنشطات روحية، إضافة إلى الأمهات العازبات، والأطفال المتخلى عنهم، إلى آخر التسميات المستحدثة التي لا داعي لذكر مرادفاتها بأسمائها الأصلية.
وحتى "الأسماء الخمسة": أبوك، أخوك، حموك...أصبحت "لا محل لها من الإعراب" إلا في أبواب الزبونية والمحسوبية والشللية، كما هو حال "المضاف والمضاف إليه" إيديولوجيا وحزبيا وقبليا وجهويا، لاسيما إذا تعززت هذه الزمرة – من الأسماء – ب "حروف الجر" و"العطف" و"التوكيد" و"الابتداء"،التي فقدت وظائفها ومعانيها إلا في هذا السياق الزبوني. وما أدوات القسم – وخصوصا في اليمين الدستورية – إلا أقنعة ممزقة "للغو اليمين" المستباح.
وبما أن السياسات المهيمنة مهوسة بشهوة تكسير أضالع وأذرع وأرجل وجماجم التجمعات التي ليست لصالحها، فإن "جموع التكسير" طالما هددت "سلامة" جمعي المذكر والمؤنث ما لم يعترفا – خوفا أو طمعا – بأن "جمع الجموع" لايجب أبدا أن يلتئم شمله إلا على نصرة "مفرد في صيغة الجمع"، هو الحاكم المتغلب المستبد،الذي لايقيم للإعراب وزنا،فهو"يرفع المخفوض،ويخفض المرفوع"،غير مبال بقواعد"التمييز" الضروري بين "المعارف"و"النكرات"،لأنه يعتقد أن لكل أفعاله"مفعولا مطلقامؤكدا"،قلما يكون"مبينا للنوع" ،.
وغير بعيد من هذا السياق ذاته، لم تعد "الأفعال اللازمة" تلزم غير المستضعفين في الأرض، أما المستكبرون فيها فهم أكبر من اللزوم والإلزام، وليس يعنيهم غير"الأفعال المتعدية" على الشعوب وحقوقها، منذ استمرأوا "أفعال الشروع" في نهب الثروات الوطنية، و"ظهر الفساد في البر والبحر"، ولم يحققوا وهْمَ وحدتهم العربية الموعودة المفقودة من الخليج إلى المحيط إلا في شيئين هما: هيمنة "الأفعال الناقصة" على "الأفعال التامة، وتفشي "الأفعال الناسخة" للفضائل، موازاة مع انتشار "أفعال المقاربة " للرذائل، مما أدى إلى تغلغل الفساد المستشري إلى صميم "أفعال القلوب"،حيث هيمنت"أفعال الشك" على "أفعال اليقين"،حتى دب المرض في "الضمائر" "الظاهرة" و"المستترة"، فتساوى – في ذلك – المتصل" منها، و"المنفصل"،وسادت صيغة "التمريض" الظنية، "المبنية للمجهولة"، مدعمة بترسانة من "الأفعال المضارعة"،المكبلة بسلاسل من "السينات"و"السوفات"، لاتتركها أبدا تتحول إلى "أفعال ماضية" منجزة، قابلة لدخول حروف "التحقيق".
(يتواصل)
نقلا عن صفحة الكاتب عىل الفيس بوك