يستشعرُ الإنبطاحيون الرضائيّون (من الرضا) شذوذاً ما. في شعار " يسقط العسكر" الثوري. إذا ما مرّوا بحِراك ٍتمرديّ/ رفضيّ يُردّدُ فيه بصرخاتٍ عالية تتراقص على إيقاعٍ من الوجع المُلتزم، لدرجةٍ تجعلهم يستكرونه كمنكرٍ خارج على المألوف، هذا، ليسدّوا بعد ذلك، آذانهم الصمّاء المحشوّة بالذعر والولاء. حيثُ صاروا دوماً بتلذذهم العذابيّ بالعبوديّة، وطمعهم المُنافق: يكفرون بالثورة.
لايختلفُ عن هؤلاء عادةً، أولئك الشيوخ السيئِي الخاتمة، المُتقدّمي العمر. المُشرفون على الرحيل الأبدي، في القريبِ القادِم، بسلوكهم التحبيطي المُزعج لكلِ شرارةٍ ثوريّة، والمُتجسد في قولهم: أن لاخير في التغيير، والثورة. لأنّ العافيّة (أي مانحنُ فيه من ألمٍ عام فاضِح) أفضل لنا من الثورة؟
ومما ينذرُ على الخطر المُوشِك الوقوع، بحسب مؤشر الواقع. أن الأمر لدى هؤلاء البشر صار لاينحصرُ على مسألة العسكر فحسب، لأنه -غالبا- يتعدّاها لكُلّ مسألةٍ أخلاقيّة-إنسانيّة، مُتفقٌ على شرعيّتها، ولاتقبلُ النّقاش. كمُسلّمة أخلاقيّة تستحقُ من ينتصر لها، بشكلٍ ديمومي متواصل؛ أيْ: في كُل وقتٍ.
هذا، مانراهُ مُتجلياً في الصمت المُجتمعي المُخزي في تواطئه إزاء قضايا المظلومين المقهورين راهنياً، بدايةً من سُكان قندهار المساكين الذين سُرقت أرضهم من طرف الأئمة اللذائذيين. حتى سُكان لمغيطي، وغيرهم. من الذين تم قهرهم في ظلِّ حُكم الجنرال عزيز وأجهزته الفاسدة. تماماً كما هو الأمرُ أيضاً، مع عُمال أسنيم المُضربين من أجل حقوقهم المشروعة: المغتصبة من طرف ولد أوداعه، وغيرهم كثيرُ جداً. في زوايا الوطِن الأربع، حتى المنتصف المتوسَط.
يبدو أنني الآن، لستُ في غايةٍ لمن يشرح لي مدى أفضليّة هذا المُجتمع بأهله. أنا على دراية تامّة بالأمر، على ما أتصوّر وأظنّ، لكنني. في الوقتِ ذاته. أعرفُ تمام المعرفة، أنه وإن كان يتصف بالأفضلية حسبَ مايُشاع دون إثباتٍ، فإنه أيضاً يتصفُ بضدّها الخطير. إنه غارقٌ حتى القاع في الفساد بجميع أنواعه. لدرجة جعلت جميع مفاصله، من الأعلى حتى الأسفل، تتساوى في نيلِ نصيبها من ذلك الفساد المُشرعن. دون زيادةٍ أو نقصان. على المفصل الآخر أو عنه!
أليس يكتظُ بالإستعباديين؟ السفاحين؟ النّفاقيين؟ المُجرميين؟ المُغتصبين؟ الظالمين؟ اللّصوص؟ القتلة؟ الحابسين لرزق الله المُشاع؟ المُتاجرين بدينه؟ الساكتين عن حقِ عياله المساكين؟ آه؟ هوَ كذلك، إنه ملعونٌ بفساد أهله!
النصيحة أقول: لتتمردوا/تتمردنَ على واقعكم من أجل الحقِ والعدل والحرية: الإنسان. أو لتذهبوا/تذهبن، باللّجوء. إلى البديل الوحيد لفشلكم الأخلاقي-الوجودي الكارثيّ : حفلاتٍ جماعيّة مُخصصة للانتحار، برؤوسٍ منتكِسة.
نقلا عن صفحة الكاتب على الفيس بوك