“داعش” يستفيد من فوضى اليمن من أجل التفوق على تنظيم القاعدة

أحد, 2015-03-22 09:23

ثلاث عمليات انتحارية تسببت في قتل 142 شخصًا يوم الجمعة في مساجد في صنعاء. هذه الهجمات التي تبناها تنظيم “داعش” الذي يسعى إلى الاستفادة من الفوضى ليبسط سيطرته في البلاد.

وفقًا للخبراء، ومن خلال هذه الهجمات الأخيرة في اليمن، فإن تنظيم “داعش” يسعى لفرض سيطرته في هذا البلد أمام تنظيم القاعدة، مستفيدًا من الفوضى ومن عداء السنة للشيعة.

وقد أسفرت الهجمات الانتحارية، يوم الجمعة 20 مارس، ضد المساجد في صنعاء، حيث كان يصلي عناصر من الميليشيات الحوثية الشيعية الذين يسيطرون منذ أواخر يناير/ كانون الثاني على العاصمة اليمنية؛ عن 142 قتيلًا و351 جريحًا.

وتبنى تنظيم “داعش” هذه الهجمات، التي تعتبر الأكثر دموية في صنعاء منذ أي وقت مضى، معلنًا أن هذه الهجمات ليست إلا “غيض من فيض” وستتبعها هجمات لاحقة. ونأى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بنفسه، وهو أيضًا تنظيم سني، مؤكدًا أنه لا يستهدف “المساجد والأسواق” محافظة منه على أرواح “الأبرياء”.

وقد وقعت هذه المذبحة بعد 48 ساعة من الهجوم على متحف باردو في تونس (حيث قتل 20 أجنبيًا وتونسيًا)، والذي تبناه هو الآخر تنظيم “داعش”، ما يعطي الانطباع عن وجود حملة منسقة لهذا التنظيم الإرهابي بحسب المحللين.

البلاد على شفا حرب أهلية

اليمن على شفا حرب أهلية بسبب انقسام البلاد إلى قسمين: حيث يتحكم الحوثيون في شمال البلاد، منذ سبتمبر، مدعومين في ذلك من طرف إيران. فيما تهيمن القوات المتحالفة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي على جنوب البلاد، هذه القوات القريبة من المملكة العربية السعودية.

وقد فر عبد ربه منصور هادي من صنعاء ولجأ إلى عدن، المدينة الكبيرة في الجنوب. وقد استنكر هجمات “الإرهابيين الجبناء” في رسالة لأسر الضحايا؛ قائلًا: “مثل هذه الهجمات الشنيعة لا يرتكبها إلا أعداء الحياة الذين يريدون دفع اليمن إلى الفوضى والعنف والاقتتال الداخلي“، مضيفًا: “التطرف الشيعي الذي تمثله الميليشيات الحوثية والتطرف السني الذي يمثله تنظيم القاعدة هما وجهان لعملة واحدة التي لا ترغب في الخير والاستقرار لليمن ولشعبها“.

وعبر وزير الخارجية الفرنسي “لوران فابيوس”، يوم السبت، عن انزعاجه؛ قائلًا إن هذه “كارثة مطلقة” في اليمن، مضيفًا: “إنها لمأساة مطلقة سببها هذا الجنون الذي تسبب في مقتل أكثر من 100 شخص نتيجة الصراع الشيعي السني“.

“تنظيم القاعدة فقد مصداقيته“

في هذا الحراك الجهادي، كانت اليمن، حتى الأشهر الأخيرة، حكرًا على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، المتمركز في جنوب البلاد. هذا التنظيم الذي تبنى الهجوم ضد الصحيفة الساخرة الفرنسية “شارلي إبدو” في يناير كانون الثاني.

 ولكن، وفقًا للمحللين، فإن هذا التنظيم بصدد خسارة نفوذه في اليمن؛ فتنظيم “داعش”، الذي حل محل تنظيم القاعدة في سوريا والعراق بعد قتال ضروس في عام 2014، لم يكن له في السابق موطئ قدم في اليمن. وعلى الرغم من الصراع بين مقاتلي التنظيمين في سوريا، فقد دعا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، في تشرين الأول، المسلمين لدعم تنظيم “داعش” ضد “الصليبيين”، وهو ما تم تفسيره كدليل على وجود انشقاق داخل تنظيم القاعدة.

وبعد ذلك، ظهرت انشقاقات وبأعداد متزايدة. وفي فبراير، قدم مقاتلو القاعدة من محافظتي ذمار وصنعاء ولاءهم لزعيم  تنظيم “داعش”، “أبو بكر البغدادي”، معربين عن رغبتهم في التحرك ضد الشيعة.

ويرى ماثيو غودير، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة تولوز (فرنسا)، أنه: “منذ سيطرة الميليشيات الحوثية على العاصمة وعلى معظم أنحاء البلاد، فقد تنظيم القاعدة مصداقيته؛ حيث لم يعد قادرًا على الدفاع حتى على المحافظات السنية“.

تنظيم “داعش” “يمتص” تنظيم القاعدة

بالنسبة لجان بيير فيليو، أستاذ في كلية باريس للشؤون الدولية، فإنه بعد “ارتكاب مذبحة صنعاء؛ يعتزم تنظيم داعش أن يظهر للقاعدة الجهادية مدى قوته في ضرب العدو بأكثر اقتدار من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب“.

مضيفًا: “أصبحت هناك عناصر من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تميل إلى الانضمام إلى تنظيم داعش، وهو ما يمثل بالنسبة لأنصار البغدادي رهانًا يجب كسبه بأي ثمن لاستيعاب المزيد من الجهاديين من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب“.

ووفقًا لغودير، هناك “امتصاص” لقوات تنظيم القاعدة من قبل تنظيم “داعش”، في الوقت الذي يعرف فيه المعسكر السني حالة من الانقسام، مضيفًا أن: “الوضع في اليمن يتجه نحو الأزمة العقائدية على غرار الأزمة التي تعيشها حاليًا سوريا والعراق، هذه الأزمة التي تشهد صراعًا بين السنة والشيعة (الذين يمثلون ثلث السكان في اليمن)“.

“توسيع الخلافة إلى السعودية واليمن“

ووفقًا لهذا الخبير، فإن “تنظيم “داعش” يرى أنه: “يدافع عن أهل السنة ضد الشيعة والعدوان الأجنبي في سوريا والعراق والآن في اليمن. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا التنظيم لم يخفِ أبدًا رغبته في توسيع أراضي الخلافة في المملكة العربية، واليمن التي ينظر إليها على أنها مهد العرب“.

مضيفًا: “يواصل تنظيم داعش تطبيق استراتيجيته في تطويق المملكة العربية السعودية بعد المواقع التي اكتسبها شمال شبه الجزيرة (في العراق)، ليحاول بسط نفوذه جنوبًا من خلال السيطرة على اليمن“.

ويذهب جان بيير فيليو إلى أبعد من ذلك، فمن خلال هذه الهجمات “أظهر تنظيم داعش في غضون بضعة أسابيع قدرته على تنسيق عملياته التوسعية، في البداية في ليبيا مرورًا بتونس وأخيرًا في اليمن، من دون أن ننسى ولاء تنظيم بوكو حرام في نيجيريا“.

مضيفًا: “في اعتقادي فإن هذا التنظيم، الذي تميز بامتداده السريع، سيستأنف حملته الإرهابية قريبًا في القارة الأوروبية“.

صحيفة التقرير