فرنسا تتجه يمينا

ثلاثاء, 2015-03-31 09:00
نيكولا ساركوزي

كما كان متوقعًا، فقد تمكن اليمين الفرنسي من الفوز وبفارق كبير في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية الفرنسية، في الوقت الذي فقد فيه اليسار نصف البلديات التي سبق وأن انتزعها من اليمين منذ خمس سنوات، فالائتلاف اليميني والوسطي تمكن من الفوز على الأقل بـ 25 بلدية إضافية.

وهكذا، فقد سجل اليسار الفرنسي أسوأ نتيجة له في الانتخابات البلدية منذ سنة 1992. ورمز هذه الخسارة الفادحة أنه حتى بلدية الرئيس فرانسوا هولاند، انضمت لليمينيين. ونفس الشيء بالنسبة للدائرة الانتخابية السابقة للمرشحة الاشتراكية في الانتخابات الرئاسية السابقة سيغولين رويال.

هذه الجولة الثانية من الانتخابات البلدية تؤكد نهاية سيطرة الحزبين اليميني واليساري في فرنسا وبناء نظام جديد من ثلاثة أحزاب. ويرى رئيس الوزراء، مانويل فالس، الذي ركز حملته ضد الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف)، وجود “تغيير مستدام للمشهد السياسي وأن الجميع يجب أن يستخلص الدروس“، مضيفًا أن: “النتائج التي حققها اليمين المتطرف تشكل تحديًا لجميع الجمهوريين“.

غياب نشوة النصر

بالنسبة لأحزاب اليمين، وعلى الرغم من الفرحة الواضحة، إلا أنه لم تكن هناك نشوة نصر، فقد قال نيكولا ساركوزي: “التناوب مستمر ولا شيء يمكنه إيقافه“، مضيفًا: “من خلال تصويتهم، فقد رفض الفرنسيون وبأغلبية ساحقة سياسة هولاند وحكومته، فلم يسبق أن فقد حزب الأغلبية مثل هذا العدد من البلديات”.

ومع ذلك، يعلم نيكولا ساركوزي أنه من دون أحزاب الوسط، فإن الجبهة الوطنية ستكون الحزب الذي يحظى بالترتيب الأول في هذه الانتخابات. وإذا كان نيكولا ساركوزي يدين بفوزه إلى هذا التحالف مع أحزاب الوسط، إلا أن هذا النصر يؤكد عودته إلى السياسة والسير نحو تطبيق استراتيجيته التي تهدف إلى إعادة تشكيل حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية والذي سيكون له اسم وقانون أساسي جديد.

وجود الجبهة الوطنية في جميع البلديات

يبقى الحزب الذي حقق نجاحات متواصلة على مدى الانتخابات البلدية الفرنسية هو حزب الجبهة الوطنية. ويؤكد هذا النسق وجوده في هذه الانتخابات على كامل تراب الجمهورية، فقد انتقل هذا الحزب من بلدية واحدة إلى عدة بلديات في الانتخابات التي هي تقليديًا ليست من نقاط قوته. ويوم الأحد، لم يستطع مسؤولو هذا الحزب إخفاء خيبة أملهم إزاء عدم تمكنهم من الفوز في بلدية واحدة، لعدم وجود حليف انتخابي؛ ففي أيسن، البلدية التي من المنتظر أن يفوز فيها، كان ترتيبه الثالث.

لكن هذا لم يمنع رئيسة هذا الحزب، لوبان، من القول بأن: “حرية واستقلال حزب الجبهة الوطنية أصبحت حقيقة لا جدال فيها“، مضيفة أن: “السياسيون في فرنسا كان هدفهم التفوق على حزب الجبهة الوطنية حتى لو كان بدعم بعضهم البعض قبل الجولة الثانية“. وسبق أن حددت مارين لوبان أولويات حزبها خلال هذه الانتخابات البلدية الهادفة إلى “تحقيق الاستقرار وخفض الضرائب وحظر النقاب (الإسلامي) في الحضانة”.

وعلى الرغم من أن اليسار يقاوم في 30 بلدية، إلا أن رئيس الوزراء، مانويل فالس، لا يمكنه إخفاء خيبة أمله، وهو يرى أن انقسام اليسار كان سببًا في نصر أحزاب اليمين، مضيفًا أن: “اليسار، مشتت، ومقسم أيضًا في الجولة الأولى، ليتعرض إلى نكسة على الرغم من تحقيق نتائج طيبة قام بها اليساريون على مستوى البلديات”. ومنذ أسابيع، كان رئيس الوزراء قد وجه جميع حملته ضد الجبهة الوطنية.

في بوردو، قال رئيس الوزراء السابق، آلان جوبيه، الذي لا يخفي طموحاته الرئاسية، إنه رأى في انتصار اليمين “تحالفًا استراتيجيًا” مع أحزاب الوسط.

المساواة بين الجنسين

وكانت هذه الانتخابات البلدية، حيث تحول أقل من نصف ناخبين للتصويت فيها، الأولى التي تشهد، وبسبب المساواة بين الجنسين، أنه على الناخبين التصويت لزوج متكون من رجل وامرأة. ومع ذلك، فإن نظام التصويت الجديد يمكنه أن يعقد النتائج النهائية.

والظاهر من هذه الانتخابات أن جميع الأحزاب بدأت بالفعل التحضير للانتخابات الجهوية التي ستعقد في ديسمبر كانون الأول. هذه الانتخابات التي قد تكون لصالح حزب الجبهة الوطنية.

صحيفة التقرير