لقد تقلص وجود موريتانيا للأسف بشكل متزايد إلى مطالبات سياسية تغذيها تناقضات فيروسية لن يستطيع أي قرار سياسي تسويتها. لقد ولدت هذه الوضعية الخطرة مع الدولة الموريتانية ووضعت البلد في عين عاصفة الضغوطات العرقية.
وإذا كانت كل الأنظمة المتعاقبة قد حاولت على طريقتها تسيير هذا الملف الشائك إلا أنها لم تكن على مستوى الإشكالية.
من البداية كان مفهوم الأمة الذي يتأسس على العيش المشترك، قد سلك طريقا خاطئا في بلد يتميز بالتعدد الثقافي والإثني، فقد فشل كل القادة في التعامل مع هذا التعدد. من هنا بدأ يغض الطرف من كان يعول عليه في جمع كل هذه المكونات في بوتقة واحدة يجد فيها كل ذاته وينفتح على الآخر. هذه الخطوة كانت نتيجة لقرارات سياسية واعية إن لم يتم تصحيحها بطريقة مسئولة ومستدامة فإن التوازن الهش المدعوم من حارس المذبح يوشك أن ينهار، وهي ظاهرة في طريق الانقراض على الرغم من تطور العقلية والثقافة الديمقراطية. كم من مرة تأرجحت فيها موريتانيا في جنون قاتل مع مسئولية يقع جزءها الأكبر على عاتق السلطة الحاكمة.
وفي كل مرة تحاول فيها الحكومة تلافي الموقف دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن أصل المشكلة. وهكذا من كدمة إلى كدمة ينهار النظام التوحيدي ليعري التعايش المستحيل بين مختلف المكونات الإثنية الوطنية. كيف يمكن أن نتعايش إذا كنا نمارس سياسية إقصاء ثقافي ولغوي؟ التهميش الأكثر وقاحة هو منع الآخر من تعلم لغته بعد أن كانت تجربة تعلم اللغات الوطنية واعدة في بداية الثمانينات، حيث لم يصمد معهد اللغات الوطنية في ظل الهجوم الشرس على ترقية هذه اللغات.
ومن الواضح أن تلك الأسلحة القاتلة لا تزال مستخدمة من قبل البعض لسحق الأقلية وهي في الحقيقة متعددة. فمن بينها أن يفرض على شريحة مسحوقة بقوة القانون أن تحصل على وظائف معدودة في هرم الدولة. فعندما تعين 5 وزراء فقط من غير العرب فإنك تريد القول أن هذا يكفي جدا لهؤلاء الناس، وكثيرا ما نسمع بأن هذه هي النسبة التي يستحقونها.
ومن المقلق كذلك أن يغمض الرئيس عينيه عن حقيقة أن كل التلفزيونات والإذاعات مملوكة للعرب. ونتجاوز إلى قيام السلطة وأتباعها بشيطنة كل من يطالب بحقوقه ووصفه بالعدو للوحدة الوطنية.
وقليل من النية الحسنة والاستقامة لدى النخبة كفيل باستعادة الحقيقة والتوقف عن وصف كل من يطالب بالعدالة والمساواة بأشنع الأوصاف. والحل الأمثل هو التسوية الموضوعية والنهائية لهذه القضية المؤلمة للحفاظ على استقرار البلد.
الشيخ تجان ديا
Le rénovateur N° 1811