ناشيونال إنترست: تحالف السعودية في اليمن "نمر من ورق" حتى الآن

ثلاثاء, 2015-04-07 00:13
الجيش السعودي

حتى في أفضل جزء من تاريخه كدولة مستقلة، كان اليمن يعاني من الصراع والاضطراب. ومنذ هجمات 11 سبتمبر، أثار وجود تنظيم القاعدة القوي هناك قلق صانعي السياسة في واشنطن. واليوم، يهدد صراع تقليدي أكثر استقرار هذا البلد، وكذلك استقرار الشرق الأوسط الأكبر. وقد أصبح اليمن بؤرة للحرب الإيرانية-السعودية بالوكالة التي اجتاحت المنطقة. والمسرح اليمني هو المنطقة التي لا يمكن للسعوديين أن يخسروها. ولكن، وإذا لم يستحضر السعوديون الجني الغائب حتى الآن، فإنه من المحتمل أن الطاغوت الإيراني هو من سوف يسود في النهاية.

ويدعم السعوديون الرئيس المحاصر، عبد ربه منصور هادي. وفي يناير/كانون الثاني، قامت جماعة متمردة تعرف باسم الحوثيين بالإطاحة بهادي. ولوجود جذور شيعية مشتركة، جاء الإيرانيون لنجدة الحوثيين، وهو ما أدى إلى اندلاع أحدث مواجهة إيرانية-سعودية.

ومن لبنان إلى سوريا وفلسطين، كان وكلاء الإيرانيين قد هزموا الجماعات المدعومة من قبل السعوديين. ولم تكن الاستراتيجية السعودية المفضلة بإغراق عملاء المملكة بالنقود، مؤهلة للفوز على الإيرانيين، الذين كانت جائزتهم هي البراعة في القتال. ويعد وكلاء إيران محنكين في حرب العصابات. ولدى جماعات مثل حزب الله، الذي أوصل إسرائيل إلى طريق مسدود خلال القتال، الكثير لتقدمه للحوثيين.

وما سيحدد نتيجة هذه المعركة على الأرجح، هو التفاني الإيراني في سبيل هذه القضية. لقد كانت طهران متأخرة في القدوم إلى اليمن، وبدأت بمساعدة الحوثيين في السنوات الأخيرة فقط، وليس لديها نفس المصالح الاستراتيجية هناك كما للسعوديين. وتعد سوريا أحد الأصول الأكثر أهمية بكثير في الكوكبة الإيرانية؛ لأنها توفر شريان الحياة البري لحزب الله، ولأنها تمنع العزلة الإقليمية التي يخاف منها الملالي. ولأن سوريا تضع ضغوطًا على قدرات إيران، فقد لا تعتقد طهران بأن إهدار الموارد في اليمن سيكون من الحكمة في شيء.

ومع ذلك، وفي النزاعات السابقة مع الحوثيين، كان حظ السعوديين متعثرًا بشكل سيئ. وفي عام 2009-2010، أطلق السعوديون حملة ضدهم أسفرت عن أكثر من مئة من الضحايا، وعشرات من أسرى الحرب. وهذه المرة، ولتعزيز أوجه القصور العسكرية، جمع السعوديون ائتلافًا من عشر دول، على رأسه مصر. وتعهد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بإرسال قوات برية لمساعدة الحملة الجوية السعودية. ورغم أن لدى مصر أقوى قوة عسكرية عربية؛ إلا أن هذا عامل رهان منخفض في المنطقة التي لم يهزم فيها جيش عربي جيشًا غير عربي منذ القرن التاسع.

وقد انتهت الحملة الأخيرة التي خاضتها القوات المصرية في اليمن بكارثة، حيث عانى المصريون من مقتل 26 ألفًا من جنودهم بين عامي 1962 و1970. وفي ذروة الحملة، كان هناك ما بين 60 ألفًا إلى 85 ألفًا من القوات المصرية في اليمن. وكان الجيش المصري مدربًا لقتال الإسرائيليين في الصحاري المفتوحة، وليس رجال القبائل في المرتفعات الجبلية، وبالتالي، لم يكن مستعدًا للمسرح اليمني. وبالفعل، لم يتمكن المصريون من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد.

ووصف مراسل لوموند، إريك رولو، حال المصريين خلال زيارته لليمن في مايو 1967، بالقول: “لقد أثبتت الكمائن، والمضايقات، والهجمات المفاجئة لمقاتلي القبائل، أنها قادرة على أن تكون أفضل من جيش حديث“. وفي تفسير لماذا هزمت مصر من قبل تمرد مشرذم سلاحه البنادق الخفيفة، كتب كين بولاك أن “الجنرالات في مصر على ما يبدو لم يعرفوا يومًا كيفية هزيمة قوة تتبع أسلوب حرب العصابات“.

ولم يصبح المصريون أفضل بكثير في قتال حركات التمرد بعد ذلك. ولقد كانوا غير قادرين على إخماد تمرد سيناء، الذي تشنه كوادر أقل خبرة بكثير من الحوثيين الذين قاتلوا في ست حروب ضد الحكومة اليمنية بين عامي 2004 و2010. ولن تكون المدرعات المصرية بطيئة التحرك على الأغلب قادرة على مجاراة الحوثيين الذين جربوا تكتيكات الكر والفر طويلًا ضد الجيش اليمني.

ولضمان أن المصريين لن يتحملوا وطأة العبء وحدهم، دعا الرئيس السيسي إلى إنشاء جيش من 40000 ألف رجل يتم استخلاصه من مختلف الدول العربية. ولكن، المحاولات السابقة لخلق مثل هذه القوة لم تأت يومًا بثمارها. وقد تعثرت الخطة الطموحة التي قادتها مصر وسوريا في محاولة لخلق قوة عربية لحماية إمارات الخليج في أعقاب الغزو العراقي للكويت؛ وترك دور الشرطي في الخليج للولايات المتحدة. وعندما انتشرت قوات حفظ السلام العربية في أماكن مثل لبنان، لم تكن هذه القوات أكثر من عامل مشجع لاستمرار القتال.

ويدعي السعوديون بأن هدفهم هو إعادة الحكومة الشرعية إلى السلطة. ولكن، المعضلة هي أن هذه الحكومة الوهمية لا توجد إلا في أذهان المجتمع الدولي. وعندما أطاح الحوثيون بالرئيس هادي، انهارت حكومته بعيدًا. والسلطة الحقيقية موجودة لدى الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، الذي أجبر على التنحي في عام 2012، وهو من يسيطر على الجيش الذي جلس على الهامش بينما هزم الحوثيون أعداءه.

وعلى الرغم من أن بعض الوحدات، مثل اللواء 111، أعلنت ولاءها للرئيس هادي؛ إلا أن أكثر الوحدات لا تزال موالية لصالح. وليس الجيش وحده من سيقرر نتيجة هذه المنافسة، حيث ستلعب القبائل دورًا هامًا أيضًا. وقد أثبتت التحالفات القبلية أنها حاسمة بالنسبة لمسيرة الحوثي من محافظة صعدة الشمالية إلى العاصمة. وقبل دخول صنعاء، تحالف الحوثيون مع العشائر المحيطة بالمدينة، مثل بني مطر وخولان.

ويتمثل المأزق السعودي هنا في أن الحلفاء القبليين للمملكة قد ذهبوا في سبات. وقد هزمت عائلة الأحمر، وهي العشيرة الأكثر نفوذًا في اليمن، من قبل الحوثيين العام الماضي. ويأمل السعوديون، الذين أبقوا عددًا من القبائل اليمنية طويلًا على قائمة مرتباتهم، بأن أموالهم سوف تنقذهم. ولكن، ومثل ما فعل المصريون في الستينيات، قد يتعلم السعوديون أن الولاء المشترى بالمال زائل. وخلال الحرب الأهلية، اشتكى المصريون من أن رجال القبائل كانوا مع الجمهورية في النهار، ليصبحوا مع الملكية في الليل.

ورغم تحقيق التحالف السعودي بعض النجاح المبكر، وقدرة الغارات الجوية على وقف زحف الحوثي ضد مدينة عدن الجنوبية؛ إلا أنه من المشكوك فيه أن يتمكن السعوديون من طرد الحوثيين من صنعاء وضواحيها. وإذا ما تورط التحالف السعودي أكثر في البلاد التي تحولت إلى مقبرة للمصريين، فإن الإيرانيين سوف يفرحون فقط بأحدث فوز لهم على منافسيهم.

صحيفة التقرير