
بدأت مدينة تمبكتو في مالي، التي دمرتها ضربات المتشددين في العام 2012، تستعيد عافيتها تدريجيّاً. 14 ضريحاً لأولياء مسلمين من أصل 16، كانت قد دمرت بحجة محاربة "الكفر والزندقة"، تشهد اليوم عملية ترميمٍ واسعة. والفضل في ذلك يعود إلى مشروعٍ لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" بالتعاون مع السكان المحليين والاستعانة بتقاليدهم العريقة.
وخلال زيارةٍ ميدانية، نظمتها "اليونسكو" لديبلوماسيين أوروبيين معتمدين في العاصمة باماكو، والتي تبعد 900 كيلومتر جنوب غرب تمبكتو، شاهد أحد مراسلي وكالة "فرانس برس" ضريحين أعيد ترميمهما داخل مقبرة في المدينة، كما يتم ترميم ثلاثة أضرحة أخرى.أما العمود الفقري لعملية الترميم تلك فهي الأيدي العاملة المحلية التي استعانت بها اليونيسكو، ورأت فيها المحافظ الأساس على تلك المدينة المعروفة بمعالمها وآثارها التي تعود إلى التراث العالمّ.
يقول أحد العمال "الأمر الجيد هو أن اليونيسكو لم تستعن بمعلمي بناء من الخارج، ونحن رأينا أهالينا البنائين يبنون أو يرممون هذه الأضرحة، لذلك نعرف ماذا يتعين علينا القيام به للحفاظ على ثقافتنا".ويشدد المسؤول عن المشروع المهندس المالي مامادو كوني على الحرص على ترميم الأضرحة "من خلال الحفاظ على طابعها الأصلي".
وقد تمت استعادة بقايا الجدران التي دمرها الإرهابيون من أجل تحقيق هذه الغاية، كما تمت الاستعانة بالصور القديمة للمدينة. ولأن التقليد الثقافي عادة ما ينتقل شفهيا، تمت الاستعانة بالمسنين أيضاً قبل أعمال الترميم وخلالها.وفي السياق نفسه، يوضح الخبير المعماري مامادو كوني أنّ "تراب تمبكتو وحجر الهور قد استخدما لإعادة بناء هذه الأضرحة إلى جانب جذوع الأرز والبانكو، وهي مادة تتألف من التراب الصلصالي والقش".
ويعتبر سكان تمبكتو أن تدمير تلك الأضرحة يعني تدمير قسمٍ من ثقافة مالي.أما فرص العمل التي وفرها المشروع فكانت محطّ إعجابٍ كبيرٍ من قبل السكان المحليين الذين أعربوا عن ارتياحهم لاستحداث 140 فرصة عمل في إطار هذا المشروع.ويقول مندوب "اليونسكو" في مالي لازار ايلوندو اسومو، إن "المنظمة أرادت من خلال البدء بمشروع بالترميم عبر ثلاثة أضرحة في إحدى المقابر، وهي ضريح ولي كونتا الذي ينتمي الى قبيلة عربية، وولي جنة المدينة المالية الأخرى المعروفة في الجنوب وولي جزائري، المشاركة أيضا في عملية المصالحة الوطنية".
وسيشمل مشروع إعادة التأهيل كذلك المخطوطات القديمة التي ضاع أكثر من أربعة آلاف منها أو أحرقت أو سرقت، وبقيت 10 آلاف مخطوطة أخرى في ظروف حفظ غير ملائمة، ونقل نحو 370 ألف مخطوطة بطريقة سرية إلى باماكو في 2012 لإخفائها عن أعين الإرهابيين.وتجدر الإشارة إلى أن شمال مالي كان قد سقط في العام 2012 في قبضة الجماعات التابعة لتنظيم "القاعدة"، وطردتها منه جزئيا عملية "سرفال" العسكرية التي شنتها فرنسا في كانون الثاني 2013، وتلتها في آب 2014 عملية برخان التي يشمل نطاق عملها كل منطقة الساحل والصحراء.ومن المقرر أن تستمر جميع أعمال إعادة التأهيل والترميم لمدة أربع سنوات وذلك بكلفة 11 مليون دولار، جمع منها ثلاثة ملايين فقط من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وسويسرا و"الوكالة الاميركية للتنمية الدولية".
مراسلون