تباينت المطالب التي طرحها سكان تكنت على والي اترارزة ليل الثلاثاء، فيما ظل الاتفاق على المشكل وقدمه القاسم المشترك لمن أتيحت له فرصة الكلام .
ولعل أبرز ملف وأقدمه تداولا بين ردهات المقار اﻹدارية وعهود الولاة المتعاقبين، مشكل التخطيط الذي لا يزال أكبر عائق أمام تنمية البلدية اقتصاديا وتجاريا، بل وأكثرها حضورا في الخصومة القضائية .
حالُ التخطيط هو ذاك المساهم أيضا في الفوضوية التي يشهدها التوصيل الكهربائي، وتفاقم العجز في السيطرة على نظافة المدينة، وعدم انسيابية وضعية المياه، فضلا عن وقوفه أمام الكثير من فرص الاستثمار داخل مدينة تنعم باستراتيجية الجغرافيا وخصوبة المؤهلات الأساسية للمدينة التجارية والسياحية .
الوضعية اﻷمنية التي أصبحت لا تحسد عليها مدينة تكنت، وما قد تخلفه من انعكاسات سلبية على الحياة السياحية، هاجس ظل المطلب الألح ضمن ليلة حاول خلالها سكان البلدية تناسي خلافاتهم الشخصية ولو إلى حين .
فالملف الأمني في نظر السكان آخذ بالتصاعد خصوصا مع بدأ اﻷشغال في توسعة طريق (نواكشوط - روصو)، واستقطاب المنطقة للمئات خلال فصل الخريف، هذا إضافة للطفرة المتسارعة للبناء وظهور الشركات والمصانع التجارية، خاصة على طول طريق المذرذرة، وهو الأمر الذي يقول السكان إنه بات يستوجب الرفع من حالة التأهب الأمني لضمان المستقبل السياحي والاقتصادي للمنطقة .
منطقة لا تزال نسبة حوالي 70% من سكانها يعتمدون في مصدر شربهم على آبار تقليدية ذات ملوحة مرتفعة، أو صهاريج مياه تنشط تجاريا، ليبقى أفضلهم حالا يعتمد على شبكات متهالكة تجاوزت عمرها الافتراضي بالضعفين، بما في ذلك شبكة تكنت المدينة .
ويستحضر السكان في نعت حالهم المثل القائل "جاور الماء تعطشي"، خاصة وأن أنابيب مشروع (آفطوط الساحلي) تمر داخل 90% من التجمعات القروية العطشى، فيما تُظهر المؤشرات التنقيبية تغطية بحيرة اترارزة العذبة لجغرافية المنطقة بأكملها .
الليلةُ هذه لم يغب عنها نواقص التعليم في عام التعليم، فكان للأستاذ والمعلم والتلميذ وللأسرة والأسرة التربوية بثها ورجاؤها المتكرر، تتوقا لدفئ أحضان مستقبل واعد، ينتشل فلذة الكبد من ميادين التسرب وحقول الجهل الموغل .
ولعل المطلب القديم الجديد ذاك الذي قُدم بلغة مثيرة ومؤثرة، حيث تجاوز ضرورة اﻹسراع في بناء ثانوية، إلى تعبير البنت عن انكسار رجائها حيال صدق تعهدات السلطات بخصوص التعليم والمرأة وحقوق الطفل، هذا بعيدا عن الصوت السكاني القائل بشلل التعليم في قرى، وضعفه داخل أخرى، مع الفتور المسجل على مستوى صيانة البنى التحتية وغياب الصرامة فيما يتعلق بالرقابة والتفتيش والمنهجية والازدواجية .
أما الحديث عن الصحة والتنمية الحيوانية والزراعية وتشجيع الحضور النسوي داخل سوق العمل ومحاربة آثار الاسترقاق وتحفيز المشاريع الصغيرة؛ فقد ألقت بظلالها على مائدة جمعت السياسيين والمنتخبين واﻹعلاميين والمجتمع المدني والسلطات اﻹدارية والأمنية والمناديب الجهويين وممثلين عن قرى وتجمعات متضررة .
هي مطالب ليست بالجديدة على جميع الولاة الذين مروا بالتعيين على اترارزة، لكن لسبب ما أو لأسباب مترابطة، ظلت مجرد فرص للوعود والدعاية السياسية، وما تحقق حتى الساعة فأغلبه إن لم يكن كله جاء تحت ضغط الاحتجاجات والتظاهر الشعبي، لا عبر سُلم الرسائل الإدارية وإنجاز المنتخبين المحليين، ولعل بناء طريق المذرذرة وكهربة ومراعاة أعطال شبكة مياه تكنت؛ كلها شاهد على علاقة كسب المطالب بوعود الولاة والسياسيين وخصوبة الشارع وإرادة الشعب ووعيه بحقوقه؛ فهل ينجز ولد محمد المصطفى ما عجز عنه إسلمو ولد سيدي ومحمد ولد أحمد راره وغيرهم كثير ؟؟