لحراطين إلى الأبد.. حتّى تتحقّق الحُقُوق

أربعاء, 2015-04-29 11:46
الكاتب الصحفي مولاي اعلي الحسن

"شُقّي غُبَارَ الزَّيْفِ والْتَـحِفِي الْـمَدَى
سِيرِي علَى دَرْبِ الكِـفَــاحِ لِـتَـعْـبُرِي
يَــا نَـهْـضَـةَ الأحْـرَارِ أنْـتِ الـمُـرْتَـجَى
والــحَـقُّ رَايَــــةُ كُــــلّ حُـــرٍّ خَــيِّــــرِ"

البيتان فِي مسيرة حقوق لحراطين، قبل عام.

مشكلة لحراطين، مشكلة وطنية؛ جزء من (المشكلة الموريتانية) الرئيسية: التنمية..أعني غيابَ التنمية.
مِنَ المُؤسِف أنَّه لا يُوجد في اللحظة الحاضِرَة ـ على الأقلّ بالنّسبة إليّ ـ خطابٌ وطنيٌ مُقنِع حول مشكلة لحراطين.
فخطابُ إيرا شابَتْه انحرافاتٌ عُنصرية، وفئوية وضّاحَة، إلى جانب كونِ الحركة (إيرا) انحرفت عن المسار الحقوقي تجاه المسار السياسيّ، وصارت تُهمة المُشاركة بالقضية في صفقات سياسية، تُهمةً مطروحة. ورغم ذلك تبقى إيرا (ولاسيما بيرام) أساسية وضرورية تاريخيًا لنضال لحراطين، لما اختصَرَتْ مِن أشواط في هذا النّضال، ولِما صدَمَت المجتمع الاستعبادي المقيت من صدَماتٍ يستحقّها.
دون أنْ نَنْسَى حقيقةَ أن مناضلي إيرا أساسًا هم وحدهم مَن لا يزالون يذوقون مرارة السّجن، والسجّان، والتّنكيل، في سبيل القضية.
إيرا الآن تاريخٌ نضالِي مُشَرّف وأساسيّ. لكنَّ "مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية"، تحتاج مراجعةً؛ تحتاج "انبعاثًا" جديدًا.
أمَّا الميثاق، فهو خطوةٌ جَبّارةٌ في تاريخ نضال لحراطين؛ بما هو أول لَمٍّ لشَمْل المناضلين في القضية، أو بالأحرى محاولة لَمّ (تَخَلَّفَ مُخَلَّفُون). وتالِيًا للميثاق المسيرةُ شأنٌ مَيْدانِي هَامٌّ، وذُو أثَرٍ عميق.
ولكنَّ الميثاق (لأنَّه ميثاق) لم يستطع أو لا يستطيع أن يَكُون بديلاً فاعلاً (ميدانيا وحقوقيا) لإيرا الأولى. وعدا ذلك ـ وهذا الأهمّ ـ فإنَّ نَصّ الميثاق الذي هو مرجعيتُه، ومرجعية المسيرة، لَمْ يَخْلُ، رَغم عدالَة الطّرح المبدئي، وأصالَتِه، واستنادِه إلى حقائقَ مُعاشَة، مِن مطالِبَ تفوح منها رائحة خطاب المُحاصصة، وهو خطابٌ لا وطنيّ، كما لَم يَخْلُ من بُعد التأكيد، ضمنيًا، على معيار الأكثرية الشرائحية عدديًا، وهو أيضًا معيارٌ لا وطنيّ، وقفزٌ على قِيمَة أساس، مِن قِيَم الفكرة الجمهورية: استبدال الانتماءات الضيقة بالانتماء الوطني الجامع، ومعيارية الانتماء الوطني لوحده، ضِدًّا على معيارية أيٍّ من الانتماءات الأخرى الأضيق.
ماذا يبقى؟ في الأساس بقايا نضالاتٍ حزبية أفضَتْ إلى تفككّ في الخطابات والممارسة، أو منظماتٌ حقوقيةٌ تعمل بصَمْت وجِدّ. ولكنَّها لا تُواكِبُ عملَها بصناعةِ خطاب حقوقيّ قويّ ومقنع حول قضية لحراطين. على الأقل هذا ما يبدو لي!
وأولى شروط هذا الخطاب الغائب، هي في تقديري، توحيد النظرة تجاه ضحايا العبودية في كافة الإثنيات والعرقيات في موريتانيا؛ الاستناد في وحدة القضية على هوية الضحية، وليس على الهويات اللّونية أو العرقية أو الثقافية. وترسيخ هذا الاستناد في الذهنية والوعي العامّيْن.
ليست المسؤولية في غياب الخطاب المرجوّ، على إيرا، أو الميثاق، أو المنظمات الحقوقية، لوحدهم، وليست المسؤولية على نخبة ومثقفي لحراطين لوحدهم، بل هي أيضًا، وأساسا، مسؤوليةٌ مُلقاة على عاتق النّخب الوطنية الأخرى، ولاسيما نخبة البيظان. والميثاق نفسُه دعا في ديباجة نصّه ومنذ البداية إلى إقامة مؤتمرٍ وطنيّ جامع وشامل حول (قضية لحراطين).
ثمّة حاجةٌ ماسّة، إلى طرح نَصّ الميثاق وطرح قضية لحراطين، على طاولة النّقاش الجادّ والمسؤول. لإيجاد صيغةِ حِوَار ونضالِ وطنيّ جامِع، حول القضيّة.
إلى حِين ذلك..
نلتقي غدًا في المسيرة، بحول الله.

نقلا عن صفحة الكاتب على الفيس بوك