حتى لا ننخدع بأمن قومي زائف

خميس, 2015-04-30 16:39
النائب البرلماني محمد ولد فال

تتواصل منذو أكثر من شهر الغارات السعودية على شعب اليمن الشقيق، مخلفة دمارا شاملا في مختلف مرافق الحياة الصحية والتعليمية والادارية والصناعية وغيرها ،كما أزهقت مئات من  الارواح البريئة ضمنها أطفال ونساء وشيوخ.

والمحزن والمبكى معا أنه رغم الدماء العربية والمسلمة التى تسيل الآن بغزارة فى اليمن وأنات الاطفال ونحيب الامهات  الثكالي وصياح الجرحي  الذين لايجدون من يقدم لهم يد العون ولاتضميد جرح ولا حليب  رضيع ، اللهم إلابالقصف المتواصل ،رغم ذلك كله ورغم فظاعة المأساة وحجم الكارثة ،نجد من بين العرب والمسلمين من يطبل ويزمر لهذه الحرب الكارثية ،بل العدوانية العبثية ،وكأنها حرب مقدسة لإستعادة القدس الشريف وباقى الاراضى العربية المغتصبة واستعادة الامجاد الخالدة لهذه الامة الجريحة .والغريب والادهى أن كل ما يصدر عن هؤلاء المطبلين يصور الامر وكأننا أمام ثورة عربية فى هذا العصر بقيادة ملكية سعودية ستنقذ البشر والحجر ،وتعيد الامة العربية لأيامها الخوالى ؟! متناسين أن آل سعود هم من أجهض الثورة العربية فى بداية القرن العشرين بقيادة الشريف حسين وتحالفوا طيلة تاريخهم مع أعداء الامة من صهاينة وتحالف أمريكي غربي بغيض ،ومهدوا للامريكيين تدمير العراق ،وساهمواويساهمون الان فى تدمير دول عربية عدة ،كما حاربوا الثورة اليمنية ومن ورائها الزعيم جما ل عبد الناصر من خلال وقوفهم الى جانب حكم  الامامة الز يدىة آنذاك.

من نافلة القول إذن  أننى مع أي مشروع  لحماية الامن القومى العربي وبحماس ،لكنني أتساءل عن مدى مصداقية وصدقية أي أمن قومي فرط فى فلسطين ودمر العراق وليبيا ؟اننى بكل تأكيد ضد هذا الامن القومي الذي يدمر ولا يحمي.

إننى كذلك ضد هذا الامن القومي العربي الذى يدمر سوريا قلب العروبة النابض ويعمل على تفكيك هياكل الدولة السورية وسعي جادا الى تدمير جيشها العربي البطل الصامد وكسر ارادة شعبها المقاوم والمناهض للمشروع الصهيو- أمريكي في المنطقة.

هذا المشروع التفكيكي المدمر القديم والذى بدأ الاعلان عنه على لسان وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كونداليزارايس وسمته حينها الفوضى الخلاقة ووصفت المنطقة يومها بأنها تعانى آلام مخاض شرق أوسط جديد، وهي لا تعرف لآلام المخاض شيئا.

إننى ضد هذا الامن القومى العربي الذى ترك غزة لقمة سائغة للكلاب الصهاينة وآلة تدميرهم تقتل الاطفال والنساء والشيوخ والعجزة والمرضى ،دون أن يحرك ساكنا ،ثم يوجه مايملك من قوة (وشجاعة)وأسلحة حديثة ومتطورة ليدمر اليمن وأهله ويشرد من بقي منهم حيا.

إننى ضد هذا الامن القومى العربي الذى يثير النعرات الطائفية والعرقية ،ويستثير الشحن الطائفي لتحقيق أغراض خبيثة ودنيئة لاتخدم سوى أعداء الامة ،وإذكاء الخلافات بين أبناء الامة الواحدة والجلدة الواحدة والدين الواحد وأتباع الرسول الواحد (ص).

أنا لست مع هذا الامن القومي الذي يدعو الى العداء والحرب بين الطائفتين السنية والشيعية بدل العداء والحرب مع الكيان الصهيوني ،الذى يحتل الارض والمقدسات وهو العدو التاريخي لهذه الامة.

إن وجود هاتين الطائفتين الكريمتين ليس وليد اليوم ،ولم يسجل التاريخ حروبابينهما يعودسببها الى المعتقد ، بل عاشتا بسلام جنبا الى جنب الى أن بدأ تنفيذ مخطط الفوضي الهدامة لتدمير أمتنا ،وكان آخر مخرجاتها ماتفتق عنه ذهن مخططيهم وهو إثارة النعرات  والفتن الطائفية ،والتى على أبناء الامة الغيورين على أمنها ومصالحها أن يدركوا خطورة مايراد منه وأن لايقعوا فى الفخ والشراك التى تنصب لهم فى هذا المجال.

إننى كذلك  ضد هذا الامن القومي الذي يحول الجمهورية الاسلامية الايرانية ،الداعم الاكبرللمقاومة الفلسطينية والعمق الاستيراتيجي الكبير لأمتنا فى أي مواجهة مستقبلية أكيدة مع العدو الصهيونى ،يحولها عدوا من أي درجة ،بدل العدو الغاصب المحتل والاعداء التقليديين للامة.

وأخيرا وليس آخرا علينا أن لا ننجر وراء العواطف والشعارات الزائفة ،وأن نبحث عن الاشياء فى مكامنها ،وأن نعي أننا أمام مخاطر جمة لم تعش أمتنا مثيلا لها ،مما يستدعي منا أكبر درجات اليقظة والحذر وتحمل المسؤوليات.