روبرت ليسي: تسليم الحكم لجيل جديد هو سبب التغييرات السعودية الأخيرة

ثلاثاء, 2015-05-05 09:36

أجرى العاهل السعودي، الملك سلمان، تعديلًا وزاريًا، وعين خطًا جديدًا من الورثة، هذا الأسبوع، في هزة عنيفة لمراتب السلطة العليا في المملكة المحافظة. وأصبح الأمير محمد بن نايف (55 عامًا) أول حفيد لمؤسس البلاد يعين وليًا للعهد، وهو ما يشكل تحولًا تاريخيًا في السلطة إلى الجيل القادم من العائلة المالكة السعودية. وعين الملك سلمان ابنه، الأمير محمد بن سلمان، والذي يعتقد أنه في أوائل الثلاثينيات من عمره، نائبًا لولي العهد، مرسخًا ارتفاعه في السلطة بعد أن عين وزيرًا للدفاع السعودي في يناير/ كانون الثاني.

وفما يخص مجلس الوزراء، أجرى الملك البالغ من العمر 79 عامًا، والذي تولى العرش منذ ثلاثة أشهر فقط، تعديلًا شمل مجموعة من وزراء الحكومة، بما في ذلك إزالة الوزيرة الوحيدة من المجلس.

وتأتي التعيينات الجديدة في أوقات تعيش فيها المنطقة في توتر. وتقود المملكة العربية السعودية تحالفًا لقصف اليمن المجاورة على أمل طرد المتمردين الحوثيين الذين تتهمهم بالوقوف كوكلاء لإيران. وفي الداخل، تضيق المملكة العربية السعودية الخناق على المتطرفين المشتبه بهم، وبات عليها السحب من احتياطياتها المالية الكبيرة بعد أن تراجعت أسعار النفط العام الماضي.

ولفهم الآثار المترتبة على التعديل الوزاري الذي أجراه الملك سلمان، تحدثت هافينغون بوست مع المؤرخ والمؤلف روبرت ليسي، الذي درس المملكة العربية السعودية على مدى عقود، وكتب كتابين حظيا بشهرة واسعة في البلاد، هما “المملكة” و”داخل المملكة”.

ما الذي يقف وراء قرار الملك سلمان استبدال أخيه غير الشقيق كولي للعهد، ووضع ابن أخيه في مكانه، برأيك؟

هناك أسباب أسرية وعائلية، ولكن السبب الرئيس هو تسليم الحكم أخيرًا لجيل جديد من المسؤولين في المملكة. ويعتبر نظام الحكم في السعودية قديمًا ومتصلبًا؛ إلا أن الشخصين المقبلين في ترتيب ولاية العرش الآن هما في الخمسينيات والثلاثينيات من عمريهما على التوالي.

والجزء الآخر المثير للاهتمام في هذا التعديل، هو أن لا ولي العهد محمد بن نايف، ولا نائب ولي العهد محمد بن سلمان، هما أكبر الأبناء في عائلاتهما. وإنه لمن التقليدي في المملكة العربية السعودية أن يحصل الابن البكر على المنصب، ولكن هذه التعيينات تظهر أنه قد تم الاختيار على أساس القدرة.

هل تعتقد أن ولي العهد السابق، الأمير مقرن، تخلى عن منصبه طوعًا بالفعل؟

أعتقد أنه موافق على السبب الرئيس للتعديل، وهو تسليم السلطة إلى الجيل الجديد. مقرن لن يقوم بطعن أي شخص في الظهر.

وقد كان وجود مقرن في منصب ولي العهد مثيرًا للجدل دائمًا. وعندما قام الملك الراحل عبد الله بتعيينه نائبًا لولي العهد في عام 2013، كان هناك بعض ردود الفعل السلبية. ولأن والدته من اليمن، قال البعض في السعودية إن هذا يعني أنه لم يكن لديه النسب الملكي، الديني، أو القبلي، المطلوب.

إذن، من هو ولي العهد الجديد؟ وأي نوع من الملوك سوف يكون؟

محمد بن نايف هو الشخص الأكثر تميزًا في صفوف الجيل الجديد. إنه قادر جدًا، يعمل بجد، وهادئ. ويختلف محمد بن نايف عن الملك الحالي في الأسلوب. وهو أشبه بأستاذ جامعي منه ببدوي صحراوي كبير مثل الملك الحالي.

ويصفه بعض الناس بأنه استبدادي؛ إلا أنه أكثر ليبرالية بكثير مما يعتقد هؤلاء الناس. لقد كان وراء برنامج إعادة تأهيل الأصوليين في المملكة. وكان أول من يعترف بأن المشروع لم يكن ناجحًا تمامًا، ولكنه كان مسعى مثاليًا جدًا.

ولدى محمد بن نايف شيء من الهالة السحرية في المملكة العربية السعودية؛ بسبب الطريقة التي نجا فيها من محاولة اغتياله عام 2009، عندما فجر عضو في تنظيم القاعدة نفسه بجوار محمد بن نايف، وخرج الأمير سالمًا تقريبًا.

ماذا عن نائب ولي العهد الجديد، محمد بن سلمان؟

إنه أكثر إثارة للجدل. لا أحد يشك في أن لديه أخلاقيات عمل قوية بشكل غير معتاد بالنسبة لأمير سعودي، ولكنه لا يحظى بشعبية كبيرة جدًا. وقد أصبح محمد بن سلمان مهمًا للغاية بالنسبة لوالده، الملك الحالي. لقد كان الساعد الأيمن لوالده منذ أن كان سلمان حاكم العاصمة السعودية، الرياض.

كيف تم استقبال هذا التعديل من قبل العائلة المالكة في السعودية؟

يقول الإعلان الرسمي عن تعيين محمد بن سلمان في منصبه الجديد إنه حظي بدعم من أغلبية مجلس العائلة. وقد تم استخدام هذه اللغة نفسها عندما تم تعيين الأمير مقرن. وهذا الأمر ملفت للنظر، حيث إنه ينبغي عادةً أن تتم الموافقة على التعيين من قبل المجلس كله.

ويقول البعض إن هذا التعديل يؤكد هيمنة فرع واحد من العائلة المالكة السعودية، وهو الفرع السديري. ولكنه متعلق أيضًا بحتمية صعود العمل الجاد والمواهب إلى الأعلى.

كيف ينظر إلى هذه التعديلات من قبل الناس في المملكة العربية السعودية؟

بشكل عام، كل ما تطلبه البلاد هو الكفاءة والسلطة فقط. ليس هناك بديل حقيقي للعائلة المالكة الحاكمة في المملكة العربية السعودية. وليس هناك تهديد حقيقي يشير إلى احتمال سقوط النظام الملكي السعودي.

هناك نقاش حيوي في المملكة العربية السعودية حول مستقبل البلاد. ورغم عدم وجود ديمقراطية رسمية، يتحاور الناس ويقومون بمناقشة هذه القضايا، خاصةً على شبكة الإنترنت.

بأي من التعيينات الجديدة الأخرى هذا الأسبوع يجب أن يهتم الناس؟

يركز الجميع اهتمامهم على العائلة المالكة، ولكن واحدًا من أهم التغييرات كان استبدال وزير الخارجية بشخص غير ملكي، هو السفير السابق لدى الولايات المتحدة، عادل الجبير.

وأيضًا، تمت إزالة المرأة الوحيدة في الحكومة، نورة الفايز؛ لأن الأصوليين كانوا مستائين من عملها فيما يخص تعليم البنات.

هل تتوقع أن أيًا من هذه التغيرات سوف تؤثر على السياسة السعودية، سواءً المحلية أو الخارجية؟

تعيين الجبير ومحمد بن نايف يقوي التحالف مع الولايات المتحدة خلال فترة من توتر العلاقات والتذبذب الشديد في منطقة الشرق الأوسط. ولدى واشنطن مخاوف حول ما تحاول المملكة العربية السعودية فعله في اليمن، ولدى المملكة العربية السعودية قلق كبير بشأن تقارب واشنطن مع إيران.

وأما السياسة الداخلية، فمن من غير المرجح أن تتغير؛ بل سوف تستمر في الاتجاه المحافظ للملك سلمان. عندما تولى العرش في كانون الثاني، وقع شقاق بين التقليديين والأسرة المالكة الحاكمة.

ومنذ ذلك الحين، حاول الملك سلمان التوفيق بين الجانبين عن طريق إزالة المنحازين للملك الراحل، عبد الله، وجلب المحافظين إلى السلطة. أكبر تهديد بالنسبة للمملكة العربية السعودية هو الأصوليون، ويريد الملك إعادة إنشاء إجماع إسلامي لمواجهة هذا التهديد.

المصدر: هافينغتون بوست – التقرير