ديبلُوماسيّة بلا رأس..

اثنين, 2015-05-18 19:26
عبد الله البو أحمد عبد

في إحدَى ليالي نُواكشُوط، البَاردة المُعتمة، كنتُ أتجوّل مع أحد الأصدقَاء الدّيبلوماسيين المُوريتانيين، عندمَا أوقفَنا حَاجزٌ للشّرطة عندَ مُلتقى طُرق المسجد السّعودي.. بعد التّحية طلبَ أحدُ أفراد الشّرطة من صَديقي أوراقَ السيّارة، وأخذَ يتفحّص هيكلهَا الخَارجيّ، كأنها دابّة يوذّ شراءها من سُوق الأغنَام..
توجّه صديقي بأدبٍ إلى الشّرطي مقدمّا نفسَه أنه ديبلُوماسيّ موريتَانيّ..ولكنّ الشرطيّ الذي تابع تفحّصه للسيّارة رذّ بثقة دوغمَائيّة صارمة قائلُا: 
ـ أنتَ ديبلُوماسيُّ فقط عندمَا تكُون خَارج مُوريتانيا..!!!

وقبلَ يومين حدّثني صديقٌ آخر ، وهو ديبلُوماسيّ أوروبيّ يعملُ في نواكشوط، حدّثني باستغَراب ودهشَة كيفَ أنّ أفراد أمن الطّرق أوقفوه، وطَلبُوا منهُ أوراقَ السيّارة، فقذّمها واحدةً تلو الاخرى، وبعد أنْ استُوفى كلّ الأوراق، احتجّ عناصر الأمن الطّرقي أن قسيمَة السيّارة اللّاصقة على الزجَاج الأماميّ غير واضحة التّاريخ، وأنه يجبُ استبدالهُا.. واقتَادوا السيّارة إلى مرآب حُكومي ، ورغم أنّ الصديق قدّم بطَاقته الدّيبلوماسيّة، ورغم أنّه أجرَى المُخالصة الضّريبية في نفس اليَوم ، فقد احتجزت سيّارته أربعة أيّام دون وجه حَق..
ذيبلُوماسيّ أوروبيّ آخر، حكَى كيفَ أوقفهُ حرسُ الحدود الموريتانيّ، وفتّشُوا سيّارته وفكّوا حقائبهُ الخاصّة في إجراء مُخالف لجمَيع الأعراف الدّولية..وهذا قليلُ من كَثير..

موجبُه الإجراءُ الغَريبُ والمُستقبَحُ والمرذُول الذي أقدمتْ عليه الدّيبلُوماسيّة "غير الدّيبلُوماسيّة: بطرذ دُبلُوماسيّ من الجُمهوريّة الجزائريّة الشّقيقية، والتي بيننَا وإيّاها مَاءُ وملحُ وتاريخٌ مشرّف من المَواقف النّبيلة تجاه مُوريتانيَا وشعبهَا، وتجاه الأمة العربيّة والإسلاميّة بأسْرها، وهذا يُذكّر بفعلٍ شَائنٍ ومقزّز فعلتهُ ذاتُ الذّيبلُوماسية عند تَسليمها لوليّ نعمَتها السّنوسي الذي جَاء مُستجيرًا بمُوريتانيا، فبَاعوه نخسًا، ونقدًا، مُجلّلين بالعَار والشّنار تَاريخ موريتَانيا وشَعبها، إلى يُوم الدّين.

إنّني ـ كمواطن مُوريتانيّ بسيط ـ أشعر بالتّقززُ والرّغبة في التّقيؤ من مثل هذه الأفعَال الصّبيانيّة والإنفعاليّة القَبيحة والدّميمَة، والذّميمَة، وأعتقدُ أنه من الأحسَن لوزيرَة الخَارجيّة "منت أصْوينع" أن تمارسَ "شُغلها" خَارج البلَاد، لأنّها "تكوُن ديبلوماسيّة فقط، عندمَا تكون خَارج موريتَانيا".. كمَا أخبرنَا بذلك شُرطيّ واثقٌ من معلُوماته، على حَاجز أمنيّ، ذات ليلة نُواكشوطيّة باردة..