بعد التحولات السياسية التي عاشتها إفريقيا في نهاية القرن الماضي،وقبول التناوب السلمي علي السلطة ،بات بعض الحكام ،تقليدا لأساليب الماضي ،يلف و يدور حول مطاطية القانون من أجل الاستمرار في السلطة .
إن اللعبة الديمقراطية ليست إلا كمالية غالية لا يمكن للأفارقة اقتناؤها...
وهذه المقولة راجت علي ألسنة بعض الساسة في أوروبا ، وقد يكون التاريخ قد صدقهم لكن الديمقراطية هي سلطة الشعب عن طريق الاقتراع من أجل التناوب علي الحكم بصفة شفافة وشرعية.
إنه أسلوب سياسي فرضه الواقع والغرب في نفس الوقت ، بعد عقود من الأحكام الجائرة التي قادها العسكر في عديد من دول العالم الثالث بواسطة سلطة استثنائية تكون في البداية مؤقتة ثم دائمة ، ودائمة حتى تتحول إلي شبه مملكة يرثها الولد عن الرئيس الأب .
أنشأ السياسيون القانونيون الدستور وهو عبارة عن ترسانة من القوانين" فوق العادة و كاملة السلطة ",تنظم السلطات ( التنفيذي ، التشريعي ،القضائي ) والعلاقات ذات الصلة .كذلك يحدد مدة مأمورية رئيس الجمهورية وهو أم القوانين و المرجع .
و يتمتع الدستور بالقوة القانونية المطلقة و يكون فوق الجميع ،وعلي الجميع احترامه و العمل به .
إنه من أصول القانون ، حيث الحقوق مدونة و الواجبات مبينة ،والمواد مرتبة ،والفقرات محددة ،يستمد شرعيته من الإجماع حوله ، و الاستفتاء عليه ،و الاتفاق علي مضامينه .فالتعهد بالعمل به واجب و القسم علي احترامه شرط .
لكن هيهات ،إن كرسي الحكم له طعم حلو وسحري ،لا يشبع منه الساسة ولا تنزل الأحزان ساحته ...و نادرا ما يتركه صاحبه إلا علي سرير الموت أو مكره لا بطل ،بعد أن مكر به صاحب الدرب والأمثلة كثيرة .
لقد مارس حكامنا قشرة الديمقراطية التي تنتشر في بلداننا واحترموا الدستور ما احترمهم ...وعندما يبرز أنيابه في نهاية المأمورية الثانية،انقلبوا عليه وبدؤوا في الصراع معه فحاولوا تعديله و تعدي بعضهم الحدود " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون" .
رفضت الشعوب التعديل ،فثارت في بركنافاسو وفي بوروندي وغدا في بلدان أخري ، مرددة "لا تلمس دستوري ،لا تلمس دستوري " ،فالحكم تناوب ودول والبقاء لله وحده لا شريك له .
و ليس الذي يمتطي ضامر الحكم هو الذي يملك العصا السحرية ،فكلنا سحرة وعصي و الرجال كثير .أستغفر الله لي ولكم.