الشراكة الأميركية والاستيطان الإسرائيلي

خميس, 2015-05-21 09:42
جيمس زغبي

تجاهلت تغطية صحيفة «نيويورك تايمز» لعجائب الكونغرس ذات الصلة بتشريع «سلطة الترويج التجاري»، كثيراً من الملامح المهمة لمشروع القانون، إلى درجة أنه ربما آن الأوان كي تغير «الصحيفة الأكثر مبيعاً» شعارها من «كل الأخبار الملائمة للنشر» إلى «ننشر كل الأخبار التي نعتقد أنها ملائمة».
ففي آذار الماضي، صوتت «لجنة المالية في مجلس الشيوخ»، بالإجماع، على إدخال تعديل على مشروع قانون «سلطة الترويج التجاري». وبحسب راعي المشروع الأساسي السيناتور الديموقراطي بين كاردين، فإن التعديل سيشمل «من بين الأهداف التفاوضية الأساسية للولايات المتحدة بخصوص الشراكات التجارية، الأنشطة المعوّقة التي تجرّم أو تقيد العلاقات التجارية مع إسرائيل». والأهداف المقصودة من هذه المحاولة هي دول الاتحاد الأوروبي التي دعت إسرائيل إلى تمييز مصدر المنتجات بوضوح، حول ما إذا كانت منتجة في المستوطنات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أم لا.
وعلى مدار الأعوام الـ14 الأولى من الاحتلال، وصفت الولايات المتحدة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية بـ «غير الشرعي». ولكن مع بداية إدارة ريغان، خففت واشنطن لهجتها، مشيرة إلى أن المستوطنات «غير شرعية»، أو أنها تشكل «عقبة على طريق السلام». من جانبها، واصلت أوروبا تأكيد موقف الإجماع الدولي على أن مثل هذه المستوطنات تمثل انتهاكاً للقانون الدولي.
وخشية تصاعد الضغوط الأوروبية بينما ترفض الحكومة الإسرائيلية محاولات إنهاء أنشطة الاحتلال، جعل «آيباك» - اللوبي الموالي لإسرائيل في واشنطن ـ ضمن الأولويات التشريعية، دفع الحكومة الأميركية للدفاع عن السياسات الاستيطانية الإسرائيلية.
وبإيعاز من «آيباك»، قدم كاردين تعديله الذي يحدد الإجراءات التي يجب أن يضعها مسؤولو التجارة الأميركية في مفاوضات الترتيبات التجارية مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل عرقلة الاتفاقيات مع الدول التي وضعت تدابير تهدف إلى تجريم وتقييم العلاقات التجارية بصورة خاصة مع إسرائيل، أو الأشخاص الذين يرتبطون بأنشطة تجارية في إسرائيل أو الأراضي التي تسيطر عليها.
ومن المثير للقلق بصورة خاصة إقحام جملة «الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل» في تلك التعديلات. وسيجعل «قانون سلطة الترويج التجاري»، وفق هذا التعديل، الولايات المتحدة تنخرط للمرة الأولى في حماية أنشطة المستوطنات الإسرائيلية، ضد أي مراقبة أو عقوبات دولية.
ولا تقل الطريقة الخادعة التي يحاول بها أعضاء الكونغرس تفسير تحركاتهم إثارة للقلق عن هذه المحاولة للدفاع عن السلوك الإسرائيلي والزج بالولايات المتحدة في مواجهة مع شركائها التجاريين في أوروبا.
ويقول السيناتور كاردين: «إن إسرائيل من أوثق حلفاء الولايات المتحدة، والديموقراطية الوحيدة المستقرة في الشرق الأوسط، وربما لا نتفق مع جميع السياسات الإسرائيلية، لكن لا يمكن أن نسمح لشركائنا التجاريين المحتملين في الاتحاد الأوروبي بأن يقعوا فريسة للمحاولات التي تهدد وجود إسرائيل».
وعلى النقيض من هذه المزاعم الفاضحة، لا تعتبر إجراءات الاتحاد الأوروبي حرباً اقتصادية ولا يقصد بها إضعاف أو تهديد الوجود الإسرائيلي، إنما هي محاولة متواضعة من جانب أوروبا لضمان أنها لا تؤمّن على أنشطة الاستيطان غير الشرعية التي لا يمكنها تأييدها.