الخريطة السياسية في موريتانيا.. تطورات وتحالفات

اثنين, 2015-05-25 11:49
الكاتبة أسماء عبد الفتاح

قال موقع أفريكا اريجمنتس إن الجمهورية الموريتانية تصور نفسها كحليف ملتزم في الحرب ضد التطرف في منطقة الساحل، حيث شاركت موريتانيا في  بعثة الأمم المتحدة الجارية المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، وخلال ديسمبر 2014 تم عقد مؤتمر لدول الساحل تحت رعاية موريتانيا والذي ضم بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد، لمكافحة أكثر فاعلية للجماعات الإرهابية العابرة للحدود الوطنية.

استراتيجية نواكشوط في تلك العلاقات العامة ناجحة بشكل ملحوظ، على الرغم من أن الحكومة الحالية أتت نتيجة انقلاب عام 2008، وعلى الرغم من انتقاد الجمعيات الدولية لحقوق الإنسان باستمرار للنظام عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إلا أن الوضع ما لبث أن تغير  وأصبحت السلطة في نواكشوط تحصل على الدعم الدبلوماسي من الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة، وقدم الجنرال ديفيد رودريغيز، رئيس القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، الشكر مؤخرا للحكومة الموريتانية لدعمها ضد التهديد الإرهابي الإقليمي في عدد من الإعلانات التي ترعاها الولايات المتحدة بالصحف الموريتانية.

 الواقع الراهن في موريتانيا أكثر تعقيدا، حيث هناك شخصيات مع أعضاء المعارضة العلمانية والأكاديميين الموريتانيين ونشطاء المجتمع المدني والأعضاء المعتدلين في جماعة الإخوان المسلمين، والسلفيين، وكذلك  حركة جماعة حزب الدعوة كشفوا عن أن الجماعات الإسلامية تتمتع بعلاقات قوية مع الحكومة وقطاعات واسعة من المجتمع، بل ارتفع وضع الإسلاميين في موريتانيا نتيجة لفشل النخبة الموريتانية الاستبدادية في بناء دولة وطنية متماسكة ومواجهة إرث البلاد من العبودية.

على الرغم من أن اليوم الكثير من الموريتانيين يتمتعون بتراث متنوع، إلا إنه على الصعيد السياسي في البلاد لا تزال منقسمة على نطاق واسع بين ثلاث جماعات، هيمنت المغاربة في البلاد (من أصول عربية) في الشؤون السياسية والاقتصادية منذ عصر ما قبل الاستعمار، و الأفارقة السود، الذين يشيرون إلى أن الموريتانيين أصولهم زنجية إفريقية، وتنقسم إلى ثلاثة مجتمعات (الولوف والسوننكي، والبولار)، والحراطين، أحفاد العبيد الأفارقة السود المملوكة لمور، والتي  تمثل نصف السكان وفقا لتقديرات جماعات المجتمع المدني والأكاديميين المحليين.

 تصنف موريتانيا كبلد عربي، وتميز الحكومة بين الأفارقة والمغاربة السود  وبالتالي استبعاد حراطين، وهذا التمييز جعل الحراطين ينضمون إلى منظمات الخدمة المدنية والمجتمع المدني الموريتاني منذ 1960.

 اتبعت كل الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال استراتيجيتين لإدامة الهيمنة في مور، الأولى استمالة ممثلين مختارين بعناية من المجتمعات الإفريقية والحراطين السوداء المهمشين في أجهزة الدولة الاستبدادية، وقد تم إدراج الحراطين والأفارقة السود في مواقع السلطة  لتشكيل معارضة موحدة عرقيا، الثاني هو إقامة مجموعة من الأيديولوجيات المتناقضة للغاية بين كبار مسؤولي الدولة المستقلة، بما في ذلك العروبة، الوحدة الإفريقية، الاشتراكية، والإسلاموية، كما كان الالتزام بمبادئ الإسلام هو القاسم المشترك الوحيد بين تلك الامة المقسمة  بشكل كبير، كما شجعت الحكومة على تدفق رجال الدين والجمعيات الخيرية التي حظيت بأموال من السعودية ودول الخليج.

الوجود المتزايد لجماعة الإخوان المسلمين والجماعة السلفية سرعان ما ذهب بعيداً إلى أكثر من الأنشطة التنموية، وفي الثمنينيات أقامت الحركة الإسلامية الموريتانية مركز الدراسات الإسلامية في نواكشوط، وصممت مؤسسة تعليمية  لتدريب الأئمة في المستقبل، وقد أنتجت العديد من الأئمة المتشددين ولعبت دورا رئيسيا في تشكيل عقول الإرهابيين كأبو بكر شيكاو، زعيم بوكو حرام الذي يقال إنه تتلمذ في هذه المدرسة.

تزامن نمو التيار الإسلامي مع صعود الوعي السياسي لدى مجتمع الحراطين، مما أدى إلى صعود الوعي الاجتماعي ورفض العبودية وبدأت الحركات المناهضة للعبودية تتطور، وبالتنسيق مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بدأت هذه الجماعات ممارسة الضغط على الحكومة لإنهاء العبودية، وأيد الأئمة التابعين لجماعة الإخوان المسلمين والمجتمع السلفي هذه المطالب.

موقع البديل