مَن يسرق ثروات أفريقيا؟

ثلاثاء, 2015-05-26 00:42
سمير التنير

يطرح كثير من الأفارقة أسئلة عديدة حول غنى قارتهم بالموارد الطبيعية الهائلة ومعاناتهم الفظيعة من الحكام الفاسدين والحكومات السيئة والفقر المدقع واسع الانتشار. وتختلف الإجابات حول هذا الموضوع، فيرجع بعض الخبراء الاقتصاديين الأمر إلى الصراع العنصري، أو إلى أحوال الطقس والمناخ، إذ تعاني البلدان التي تقع حول خط الاستواء من الأمراض التي تتسبب بها البيئة الحارة. ويرجّح بعض الخبراء السبب إلى الاستعمار القديم في الماضي، وإلى الاستعمار الجديد حالياً.
يقول توم برجيس، وهو صحافي بريطاني يعمل في جريدة «فايننشال تايمز»، إن القضية معقدة جداً وتحمل في طياتها أسباباً متناقضة في ما يخصّ الموارد الطبيعية. فهي ليست القارة الوحيدة التي تعاني من «لعنة الموارد»، ولا يضيف الكتاب الجديد لهذا الصحافي أشياء جديدة عمّا هو معروف عن القارة الافريقية، علماً أن هذه القارة تقع في المرتبة الثالثة من حيث الموارد المعدنية، ولكنها غير مستقلة كما يجب بسبب ضعف الحكومات المحلية والشركات الوطنية.
يحمل الكتاب عنوان «ماكينة النهب»، وهو ثمرة تجوال مديد في بلدان القارة يمتدّ من مياه المحيط الأطلسي إلى ناطحات السحاب في مدينة لواندا. ويُقدّم هذا الصحافي الاستقصائي صورة مفصلة لـ «ماكينة النهب» التي تضمّ الشركات المعدنية العالمية الكبرى والنخب الافريقية الحاكمة الفاسدة. ويحاول هذان الشريكان حرمان القارة من مواردها والاستيلاء عليها. ويُقدّم المؤلف أسباباً عديدة على ذلك. ففي انغولا مجموعة صغيرة تستولي على الحكم وقد جمعت ثروات كبيرة متأتية من فسادها. وفي نيجيريا أيضاً هناك شراكة بين الطبقة الحاكمة والشركات العالمية متعددة الجنسية. كما يتّخذ أمراء الحرب هناك الثروة النفطية رهينة بواسطة تفجير خطوط النقل وخطف عمال الآبار والتكرير.
وقد أقصى الرئيس السابق لنيجيريا غودلاك جوناثان مدير البنك المركزي، بعدما ثبتت سرقة 20 مليار دولار من الخزينة. وبرغم أن نيجيريا هي البلد الافريقي الأول في إنتاج النفط، يعيش معظم السكان بدخل أقلّ من 2 دولار في اليوم.
يقول برجيس «في مكان الامبراطوريات القديمة، نشأت مجموعات جديدة من الشركات العملاقة متعددة الجنسيات، وتحالفت مع الفئات الحاكمة في البلدان الافريقية. وقد دمجت تلك الشبكات سلطة الدولة القمعية مع سلطتها المالية. وتلك الشركات لا تنتمي لأمة معينة، بل هي عابرة للقارات، وقد ازدهرت مع انتشار موجة العولمة. ولا تشذّ عن هذه القاعدة إلا دول قليلة لا يتجاوز عددها أصابع اليد. ومنها بتسوانا لاند التي تعتمد على تجارة الألماس، وفيها حكومة ديموقراطية».
يفصل كتاب «ماكينة النهب» بتوسّع العلاقات بين الحكومات والشركات الصينية أيضاً. ويضع أمثلة كثيرة على ما يصفه بالنهب. وهو السبب الأساسي في فقر الدول الافريقية وتخلفها.