Le Monde: التحالف يدفع السكان السنة إلى أحضان داعش

جمعة, 2015-06-05 23:08

قدّم الوزير الأوّل العراقي حيدر العبادي يوم الثلاثاء 2 يونيو في باريس خطّة لاستعادة السيطرة على محافظة الأنبار تشمل إدماج القوى السنية، وقد تمّت الإشادة بهذا المشروع الّذي اعتبر “مخطّطًا جيّدًا على المستويين العسكري والسياسي” من قبل مساعد وزير الشؤون الخارجية الأمريكي أنطوني بلنكن.

وفي مواجهة نصائح التحالف الدولي ضدّ الدولة الإسلامية لتنفيذ سياسة مصالحة واندماج تجاه المجتمع السني المهمّش؛ ففي العراق، دافع العبادي على سجله: 5 آلاف مقاتل سني تمّ إدماجهم في وحدات الحشد الشعبي والنقاشات جارية حول الإصلاحات، ولكنه يعاني حتّى الآن في إقناع المجتمع السنيّ.

كان حمال الضاري، أحد الزعماء السنة لقبيلة زوبع أحد فروع اتّحاد قبائل شمر الكبيرة ومؤسس منظمة سفراء السلام من أجل العراق في باريس، دعا أمام الصحافة إلى مصالحة سياسية حقيقية بين السنة والشيعة.

ما هو الوضع في العراق اليوم؟

هناك مشكلة حقيقية مع مشروعين أيديولوجيين متواجهين: مشروع تنظيم الدولة الإسلامية، والمشروع الأقدم الّذي تقوده إيران والميليشيات الشيعية.

عندما ظهر المشروع الإسلامي الجهادي في أفغانستان في السنوات الـ 1980 لم يشارك فيه أي عراقي، ولكن قاتل العراقيون مرشد الثورة الإسلامية في إيران آية الله روح الله الخميني الّذي تطوّرت أيديولوجيته في العراق لاحقًا. ولم تظهر الجهادية في البلاد إلا بعد عام 2003 والحرب الأيديولوجية الّتي أطلقها الرئيس الأمريكي جورج بوش دون دعم من الأمم المتّحدة. وقد جلب بوش هذه الأيديولوجيا إلى العراق من خلال تهميش الطائفة السنية وعدم القيام بأيّ شيء لحماية الحدود ومنع تدفّق الجهاديين الأجانب. وظهرت القاعدة وعلى رأسها أبو مصعب الزرقاوي الّذي ليس عراقيًّا.

بعد عام 2006، دافعت القبائل السنية عن العراق من خلال محاربة القاعدة، ووعدنا جورج بوش بإيجاد حلّ لتحسين النظام السياسي، ولكنه لم يف بوعوده وساءت الأوضاع. وفي عام 2013، ظهر تنظيم الدولة الإسلامية ونزل السنة إلى الشوارع واعتصموا مطالبين بمعاملتهم معاملة إنسانية؛ إذ لدينا عشرات الآلاف من الرجال والنساء في السجون ولم يهتم نوري المالكي رئيس الوزراء آنذاك بهم؛ بل هاجمهم وقتلهم ووضعهم في السجن، أمّا المجتمع الدولي فدعم المالكي عوض مقاضاته، وخلال هذه الفترة، تطوّر الوضع نحو إعلان خلافة الدولة الإسلامية في العراق ومرّت الأوضاع في البلاد من سيئ إلى أسوأ ومعالجتها الموصى بها سيئة.

ما مدى تجذّر الدولة الإسلامية داخل المجتمع السني؟

تطوّر تنظيم الدولة الإسلامية على معاناة الناس ومؤخرًا نجح سريعًا في السيطرة على محافظة الأنبار، ففرّ الناس نحو العاصمة بغداد ولكن منعوا من الدخول إليها؛ فاضطروا إلى النوم في الشوارع، ومن المنطقي أن يعود هؤلاء الناس إلى داعش فإذا ما رغبنا في التخلّص من الإرهابيين لا يجب أنّ نقدم لهم هؤلاء الآلاف من المقاتلين المحتملين، وتضاف إلى هذا الانتهاكات الّتي ترتكبها الميليشيات الشيعية تجاه السكّان السنة، وتدفع هجمات التحالف أيضًا الشعب نحو أحضان داعش: تأتي لتدعم الميليشيات الشيعية الّتي تحرق ممتلكات السنة بعد ذلك وتنهبها، كما إنّ الـ 2000 صاروخ مضاد للدبابات الّتي أرسلها الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الاثنين ذهبت مباشرة إلى الميليشيات.

لم يتطرّق مؤتمر باريس [يوم 2 يونيو 2015] إلى معاناة السكان السنة واهتمّ فقط بتنظيم الدولة الإسلامية، في حين أنّ من غير الممكن القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية دون إدماج الشعب العراقي في العملية، ربمّا سنتخلّص من داعش ولكن ستظهر مجموعة أخرى أكثر تطوّرًا بعد ذلك.

ما هي الإصلاحات الّتي وعدت حكومة العبادي بتنفيذها من أجل إدماج أفضل للطائفة السنية؟

العبادي مدعوم من المجتمع الدولي والتحق بها السنة على قاعدة اتّفاق لتحرير المعتقلين ومراجعة القوانين الّتي تضرّ بالسنة، ولم نشهد أي تغيير منذ ذلك الحين ولم يحرّر العبادي المعتقلين ولن يحرّرهم، وبدلًا منذ ذلك مرّر قانونًا جديدًا يحدّد مهلة بستّة أشهر قبل الإفراج عن أيّ محكوم قد قضى مدّة عقوبته. إن العبادي لا يسيطر على شيء فالميليشيات الشيعية ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي وإيران يسيطرون على كلّ شيء؛ وبالتالي المشكلة ليست فيه بل في النظام.

ورغم ذلك، دعا بعض الممثلين السنة مثل مجلس المحافظة الميليشيات الشيعية إلى مساعدتهم في محافظة الأنبار؟

نعم، الأمر عينه حدث في تكريت؛ حيث طلب مجلس المحافظة مساعدة الميليشيات الشيعية ولكن بمجرّد دخول الميليشيات رحل المجلس نفسه ولم يعد سكّان تكريت. لا يملك هؤلاء الممثلون السياسيون السنة أي سلطة ولا يبحثون إلّا عن مصالحهم الشخصية. أمّا السكّان السنة فإمكانهم دحر داعش بمفردهم.

هل تطلبون من التحالف أن يسلّح القوّات السنية مباشرة؟

يسير الكونغرس الأمريكي في هذا الاتّجاه، والدعم مرغوب فيه إلّا في حالة التوصل إلى حلّ سياسي؛ لأنّ المشكلة لا تكمن في السلاح الّذي يملأ العراق، تنقصنا الإرادة والسنة لا يرغبون في القتال، قاموا بذلك في عام 2006 ولا يريدون تكرار التجربة.

ما هو الحلّ السياسي الّذي توصي به؟

نحن في حاجة إلى مصالحة حقيقية وتغيير القوانين، على الناس أن يجلسوا سويّة من أجل التوصّل إلى حلّ حقيقي. بعد ذلك فقط يمكننا التخلّص من داعش. المشكلة تتمثّل هنا في استخدام تنظيم الدولة الإسلامية للسنة الّذين هم سجناء التنظيم. كما أن العديد من الشيعة يعارضون ما يحدث حاليًا في العراق؛ لأنّ الكثير منهم يقتلون كل يوم. نحن في حاجة إلى دعم دولي من أجل التوصل إلى مصالحة بين السنة والشيعة.

لوموند – التقرير