تنهج موريتانيا استراتيجية الابتعاد عن المغرب والجزائر وتأسيس سياسة خاصة بها بهدف تقليل تأثير البلدين في سياستها الداخلية والخارجية، ومن القرارات الأخيرة التي تخص المغرب التقليل من الواردات المغربية ومنها الدواء وإرسال طلبتها الى دول أخرى غير الجامعات المغربية.
وتستمر نواكشوط في سياستها بعدم تطبيع العلاقات مع الرباط ومنها عدم تعيين سفير لها في الرباط منذ أربع سنوات، وهو رقم قياسي يعني في القاموس الدبلوماسي قطيعة حقيقية من طرف موريتانيا. وللعثور على حالة مشابهة في حالة المغرب، قرار الرباط سحب سفيرها من فنزويلا دون تعيينه بعد مرور سنوات.
ولا تقدم دبلوماسية الرباط تفسيرا لامتناع موريتانيا تعيين سفير لها بعد أربع سنوات، وتؤكد أن الموريتانيين هم المعنيين بتقديم توضيحات. وجرى الحديث عن احتمال عودة السفير الموريتاني بعد زيارة وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار الى نواكشوط خلال نوفمبر الماضي واستقباله من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز. كما تكرر الحديث عن عودة السفير مع طرد موريتانيا لدبلوماسي جزائري الشهر الماضي. لم يحدث.
وفي الوقت ذاته، ترفض نواكشوط تقديم تفسيرات رسميا، وتكتفي بعض وسائل الاعلام المقربة منها بالحديث عن شرط أساسي لإعادة السفير وهو تغيير المغرب لسفيره الحالي في موريتانيا. كما ترغب في تعهد المغرب بعدم التدخل في شؤونها الداخلية دون تفسير نوعية هذا التدخل.
وعلاقة بهذه النقطة الأخيرة، وجه الحزب الحاكم “التجمع من أجل الجمهورية” في موريتانيا انتقادات مبطنة الى حضور مدير المخابرات العسكرية ياسين المنصوري ووزير الخارجية صلاح الدين مزوار زفاف ابنة معارض موريتاني مقيم في المغرب خلال مايو الماضي، وتلاحقه موريتانيا قضائيا.
وتنهج موريتانيا مؤخرا سياسة صامتة نحو تقليص نفوذ المغرب والجزائر في بلادها. وعلاقة بالمغرب، فقد بدأت تضيق على الحضور الاقتصادي المغربي سواء الأبناك وشركة الطيران “لارام” واستيراد بضائع وآخرها منع استيراد الأدوية المغربية.
في الوقت ذاته، بدأت نواكشوط مباحثات مع دول كبرى حول تكوين طلبتها وخبراءها بديلا عن المغرب والجزائر. وفي حالة المغرب، يرغب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في وضع حد نهائي لتكوين الضباط الموريتانيين في الأكاديميات المغربية، علما أنه تلقى تكوينه العسكري في أكاديمية مكناس.
ويحضر الكبرياء والروح القومية في خطاب المسؤولين الموريتانيين خلال السنتين الأخيرتين وخاصة الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ ترأسه الاتحاد الإفريقي، حيث أقدم على مبادرات خاصة بدول الساحل منها تأسيس تجمع يضم خمسة دول وأقصى كل من المغرب وموريتانيا والاستمرار في لعب دور في مفاوضات مالي.
وتشير كل المعطيات الخاصة بقرارات موريتانيا مع جيرانها إقليميا وخاصة المغرب والجزائر رغبتها في الابتعاد عن سياسة المحاور والمغرب العربي والبحث عن آفاق بالتوجه نحو إفريقيا والانفتاح أكبر على الدول الكبرى. وتقتصر لقاءات الموريتانيين مع المغاربة والجزائريين في لقاءات بروتوكولية أغلبها في مؤتمرات إقليمية ودولية دون حدوث زيارات ثنائية على مستوى عال.