الباكلوريا!

أحد, 2015-06-14 11:06

لم تعد لها رهبتها،كان التلاميذ في شهر يونيو يشبهون أشلاء الهياكل العظمية في الكهوف القديمة،شعر الرأس متناثر كعاصفة رملية داكنة والعيون حمراء وشاخصة في الدفاتر طوال اليوم! كان "مندل" يحظى بالإحترام وكانت ذبابة "الدروزفيلا" تمارس التعدد بحرية في تمارين الوراثة،كانت الرياضيات تشبه قمة "إيفرست" لا يصل قمتها إلا المجدّون،وكان السير بين تمارين الفيزياء يشبه التجوال في غابة "الأمازون" يحتاج اليقظة والإصرار،وكان السفر بين خبايا اللغة يشبه رحلات "المهاجرين السريين" بين لجج بحر الظلمات،أما الفلسفة ففك طلاسمها كان يحتاج "للفانوس السحرى" وابتلاع كل المقالات في "السوق السوداء"! كانت الباكلوريا سداً منيعاً،وكانت أساليب "التريشي" بدائية تختصر على الأوراق المطوية الملفوفة في ثنايا اللباس أو المهربة مع صاحب الشاي أو تلك الطائرات الورقية بدون طيار التى تدخل من الشباك خلسة كرسائل العشاق،أو تلك العيون التي تنحرف ذات اليمين وذات الشمال تبحث عن ما تسد به رمق ورقتها الجائعة! في 2007 وبعد صراع طويل مع "الإعادة-ولا أجد غضاضة في قول ذلك-قمت بالقبض على الباكلوريا العلمية والحمد لله لم أمارس الهجرة الشرعية بين الشُعب،ومرد "الإعادة" عائد لطيور الحب التي كانت تزقزق في قلبي ساعتها،وليس لأنني أشبه القنوات المحلية! اليوم،التعليم في موريتانيا يشبه "عيشة رخمة"،والحديث عنه ذو شجون،والغبار يطوق العاصمة والمرابطون ينازلون الأسود في الكاميرون،لذلك سأترك الحديث عنه إلى حين! أوصي الطلبة وهم ينتظرون شمس الصباح بكثير من الترقب والقلق! أن يكثروا من شرب الماء البارد والإستحمام،وأن يلبسوا ثيابا شفافة ونزيهة وأن يناموا العاشرة ليلاً،وعليهم "بمكروني" فهي تنشط خلايا الدماغ والحذر الحذر من تعاطي "العيش" و"الكسكس"! وعندما يجلسون على الطاولة عليهم أن يأخذوا نفسا عميقا و15 دقيقة لقراءة المواضيع بتمعن وتركيز شديد! وأن يتركوا النقاش والجدل بعد الخروج من قاعة الإمتحان،فلو كان التنظير والنقاش مفيداً لنبتت الأزهار على شفاه المثقفين والساسة! وعلى زملائي المراقبين في الباكلوريا أن يركزوا على حركة الأيادي والعيون لدى الطلبة وأن يرتدوا نظارات شمسية،حتى لا يتمكن المذنبون من فهم نظراتهم فالعيون تنبئ عن السلوك! الباكلوريا كانت من الأشياء القليلة في هذا الوطن التى تطلها أيادي التسيب وعدم الشفافية لكنها أصبحت في خطر!! وفي النهاية علينا أن نفعل ما علينا ولن يحدث إلا الخير،والباكلوريا ليس نهاية الدنيا اسالوا "حملة الشهادات"،لكنه أيضا باب كبير يفتح الكثير من الآفاق والفرص،وفقكم الله من الجهاز الساخن،وهنا نواكشوط الشمالي(الحي الإداري) ودرجات الحرارة المسجلة تفوق الحرارة الطبيعية للجسم والساعة الثالثة و54 دقيقة.

 

"نقلا عن صفحة الكاتب على الفيسبوك"