هل اقترب تعليق المشانق في مصر؟

خميس, 2015-07-02 10:57
موناليزا فريحة

بعد ساعات من اغتيال النائب العام المصري، صار ميدان رابعة العدوية ميدان الشهيد هشام بركات. هاشتاغ "اعدموا الاخوان"، غزا "تويتر". الدعوات الى شنق زعماء الجماعة، بمن فيهم المرشد العام محمد بديع والرئيس المعزول محمد مرسي، ألهبت كل المنابر المشتعلة اصلاً في البلاد.

لم يكن ينقص مصر اغتيال بهذا الحجم ليزيد غليانها غلياناً. منذ سنتين تشهد البلاد موجة من العنف والاضطراب لا سابق لها منذ ثمانينات القرن الماضي. أحلام التغيير التي رسمتها الثورتان صارت أبعد من ذي قبل. وبعد ما حصل الاثنين، صارت أكثر التوقعات تفاؤلاً تنبئ بموجة جديدة من الاضطرابات والقمع تزيد أزمة البلاد تفاقماً ولا تحلها.

العنف في مصر لن يجرّ الا العنف. سيل الدماء الذي لم يتوقف منذ اطاحة مرسي زاد المجتمع انقساماً واستقطاباً. استهداف الاسلاميين للقضاة أضفى على سجلهم الاسود مزيداً من السواد. ولا شك في أن نجاحهم في اغتيال شخصية في أهمية هشام بركات سيزيد زخمهم وارهابهم. لقد نجحوا للمرة الأولى منذ اغتيال رئيس مجلس الشعب رفعت المجذوب عام 1990 ينجحون في ضرب مسؤول رسمي رفيع المستوى.

من الوهم الاعتقاد أن السيسي سيتقبل ضربة كهذه برحابة صدر أو أنه سيرخي القبضة الحديد التي يواجه بها خصومه. قتل من يسميه "الاخوان" "نائب عام العسكر" في عقر داره (أمام الاكاديمية العسكرية) وعشية ذكرى "ثورة 30 يونيو" تحدّ صارخ لنظامه. السيسي الذي ضرب عرض الحائط الانتقادات الدولية له بالقمع لن يلين بعد ما حصل.

منذ اطاحتهم من الحكم رفض "الاخوان" الاذعان. قياداتهم دعت الى "الشهادة" من أجل استعادة الكرسي. وعندما سجن هؤلاء وحكم على كثيرين منهم بالسجن، خرج منهم من يدعو علناً وبلا خوف الى اغتيال القضاة.

ومع أن الجماعة لم تتبنّ صراحة اغتيال بركات، فان الشبهات فيها كثيرة. وتكفي شماتتها بجريمة مروعة كهذه لادانتها. ولكن ما غفل عنه"الاخوان" أن قتل بركات لن يعيد الحرية الى القابعين خلف القضبان، و لن يوقف أحكام السجن والاعدام على قياداتهم. دم بركات لن يثير، الاً مزيداً من الاحقاد والانتقام والدماء. فمع أن السياسة المتشددة للسيسي نفرت مصريين كثراً كانوا من مناصري "ثورة 30 يونيو" التي أوصلته الى الحكم، ومع أن الاحكام القضائية، وخصوصاً في حق ناشطين يساريين تجرأوا على رفع الصوت في وجه النظام، استفزت المصريين، صبّ المصريون جام غضبهم منذ الاثنين على "الاخوان".

المواجهة بين الحكومة وهذه الجماعة انتقلت منذ الاثنين تلقائياً الى مستوى جديد. مستوى مفتوح على احتمالات ليس أقلها تزايد الاعتقالات وأحكام السجن التي صارت بالمئات أخيراً، وصولاً على الارجح الى تعليق المشانق وتنفيذ احكام الاعدام المعلقة.