نحن من فرط احتقارنا للمواطن العادي، ولأنفسنا، لا نقول التعذيب الا للصعق بالكهرباء وعمليات "جكوار"، والمنع من النوم والتجريد الكامل من الملابس. أما الضرب والسحل للمواطنين أمام الناس في الشارع من طرف عناصر الجيش والشرطة والحرس، ولاحقا "مسغاروات"، فلا يستحق منا أي توقف ولا كتابة ولا احتجاج.
أيكم لم يتعرض للضرب في حياته ظلما من طرف السلطات، ويهان بالكلام الساقط الوقح، وتمزّق ثيابه؟ أو لم يشاهد شخصا يتعرض لنفس الأمر، في الشارع أو في الملعب أو في مناسبات اجتماعية، وكل ذلك من طرف من يفترض فيهم حماية المواطن وتطبيق القانون. لقد أصبح الطلاب والسياسيون والباعة المتجولون، والأجانب، والصحفيون، زبناء دائمين لهذا النمط من التعذيب. فعضلات العسكري ورجل الأمن و"المسغاروي" لا تعرض إلا في حق مواطن أعزل مسالم، والمشهد يتكرر عشرات المرات يوميا، ولا يستحق التوقف.
هل شاهدتم في حياتكم أي وقفة احتجاجية أو بيان حزبي أو برنامج تلفزيوني أو إذاعي، أو سلسلة مقالات، أو حتى أنشطة تدوينية عن هذا الأمر؟ هل سمعتم أي قانوني أو برلماني أو حقوقي يهتم بهذه الظاهرة؟ بل إن كثيرين منّا يضحكون ويرددون: فلان بطوه اصنادرة" وبعضنا يضحك هو نفسه ويقول: "كتلوني بالبط ذو اصنادرة" .. حتى في استقبالاتنا للرؤساء نتعرض للضرب والتعذيب، وقد حصل ذلك مع نواب برلمانيين وقادة سياسيين ومسؤولين في الدولة ..
لماذا لا توجد أي جهة جدية يمكن الشكاية إليها ضد هذا التصرف المتكرر والمنتشر؟ أعرف أن مجتمعا لا يحركه اغتصاب القصّر ولا نهب المليارات من حقوقه، لا تزوير ارادته، من الصعب أن يتحرك ضد هذه الإهانات والاحتقار.
نقلا عن صفحة الكاتب