بين عشية وضحاها نسمع ونراقب جمهورية مالي تعبأ إمكاناتها مع حلفائها من الدول الإفريقية و الأوربية لخوض حرب مشبوهة على ما سمته بالإرهاب في شمالها (أزواد) الطامح بالتغيير، حرب تحت مسمى ( مكافحة الإرهاب ) ، فتقتل عددا كبيرا من المواطنين الأزواديين من خلال هجمات مختلفة تمثل اعتداءات قد تكون مدعومة من صانعيها، في خطوة خطرة تمثل اعتداءات عسكرية متناقضة مع القانون الدولي وينتهك المسؤوليات الدولية والسيادة الوطنية.
كما أن هناك دولا أخرى من الواضح أنها قد تعهدت بالمشاركة في هذه العملية، للتدخل في لعبة الشطرنج مع مالي دون علمهم أو يعلمون ولايبالون!
إن العقلاء والمتابعين للقضية المالية من ألفها إلى يائِها يرون أن إشعال هذه الحرب سيترك عواقب خطرة، وأن الدول المجاورة كذلك ستتعرض لأزمة كبيرة نظرا إلى حساسية هذه المنطقة، وأن نار هذه الحرب ستنعكس سلبا على المنطقة برمتها ، لأن الحرب لن تبقى محدودة في نقطة واحدة. كما أن خطة هذا الحرب عليها غبار في ظل حرب على الإرهاب يقودها أبناء صناع الإرهاب وأمهاتهم التي سبق وأن استثمرت مليارات الدولارات بالغبار نفسه، هي خطة مشبوهة ومقصودة يراد منها إشغال العالم في حرب أخرى قد تكون بمصلحة هذا الإرهاب الذي تدعمه بعض من هذه الدول المشاركة في حرب مالي مع الإرهاب .. بعد أن حققت حكومة الرئيس المالي السابق أمدو توماني توري نجاحا واسعا في إبرام صفقات استثمارية مع هذه الجماعات التي يسمونها بالإرهابيين أو إسلاميون، هو النجاح الممثل في جلب السياح إلى الأراضي المالية ويتم اختطافهم لكي تتدخل الحكومة للوساطة بين دول أوربية والخاطفين لتنال نصيب الأسد في الصفقة ، ما يعني أن هذه الحرب الغبراء التي تشنها مالي على الإرهاب لمصلحة الصهاينة وحلفائها ولمصلحة الإرهاب عموما بصورة غير مباشرة ، مثلما هي الآن تكرس للتدخل الخارجي وعدم الاستقرار في المنطقة ليرى العالم بأن لا سلام ولا مصالحة في مالي بدون هؤلاء المجموعات التي تسميها بالإرهاب وراء ستارها والهجمات الأخيرة خير دليل على بعض الحقائق، ولعلىّ عملية فندق ببلبوس بسيفاري 13 كلم شمال غرب مدينة موبتي التي هي من أقوى مدن مالي عسكريا سيكون عبرة! فكيف للسلطات المالية وأخواتها أن تترك محتجزي الرهائن مع أنها كانت تحاصرهم؟ وكيف تمكنوا من الهروب منهم دون القبض عليهم بعد أن أعلنوا عن تفاوضهم معهم؟
الأهم من هذا كله ، هو لماذا لم تتدخل المملكة المغربية ضمن الدول المحاربة للإرهاب شمال مالي (أزواد) ؟ هناك إجابة بسيطة وهي أن المغرب هي الدولة الوحيدة التي أيقنت أمكار الدولة المالية التي تمارسها على الشعب الأزوادي منذ أيام ’’توري’’ بإستراتجية محاربة الإرهاب لإجهاض مشروعهم الاستقلالي، وهذه الإستراتجية يعمل الرئيس المالي الجديد إبرهيم أبوبكر كيتا على تطبيقها بتسليمه زمام الأمور إلى الجزائر بدلا من المغرب وذلك لأنها على علم بمشروع الاستثمارات المشبوهة.
كما لبعض قادة الحركات الأزوادية دورا هاما في مواصلة مسار الرئيس المالي السابق الذي يسعى الرئيس الحالي بتطبيقه بذكاء، وذلك بوضعهم القضية الأزوادية في زاوية جزائرية ضيقة مع أن المملكة المغربية اقترحت لهم زاوية أخرى قد تكون أولى.
وبهذا كله على الشعب الأزوادي الذي يطالب بحريته وحياته بعيدا عن الديكتاتورية والهيمنة والعبودية أن ينظر إلى مختلف الزوايا التي يحارب بها باسم إرهاب الناس, وعليه أيضا أن يطرح بعض التساؤلات منها:
لماذا هذا التدخل الوحشي السافر في شؤون شعب يواجه الفقر والظلم والتسلط ويبحث عن خلاصه باتجاه ديمقراطي وإنساني من أجل نيل حقوقه الشرعية كباقي البشر الأحرار في العالم؟