القاضي أحمد عبد الله: "العَمَلُ الْخَيْرِيُّ".. وَالتَّمْيِيزُ غَيْرُ الْإِيجَابِي!!..

اثنين, 2015-08-24 19:33
القاضي أحمد عبد الله المصطفى

تُمارس أطراف عديدة ناشطة في الحياة العامة منذ سنوات أنماطا مختلفة من العمل الخيري، بشكل مباشر، في بعض المناسبات، وبشكل غير مباشر على وجه الاستمرار بواسطة أذرع جمعوية مدنية..
لا إشكال في هذا إلى هنا، فالعمل مشروع قانونا، ومحمود شرعا، ومقبول اجتماعيا، ومحاكمة النِّيَاتِ مرفوضة دينا وأخلاقا..
تُؤكد تلك الأطراف على أن عملها خدمة اجتماعية لصالح السكان، وعمل خيري تخلص فيه النية لوجه الله تعالى، وعلينا بالظَّواهر..
في بعض الأوقات، عندما تحدثت تلك الأطراف عن مضايقات تعرضت لها أنشطتها الخيرية، كان فيه رفض واسع لذلك من النخب، في وسائل الإعلام، وعبر شبكات التواصل، وانطلقت دعوات مقتضاها سدوا مسدهم أو اتركوهم يعملون..
حين دخلت على خط العمل الخيري أطراف أخرى ناشطة في الحياة العامة أيضا، لكن من الساحة المقابلة نشأ الإشكال..
ضج الإعلام، وصفحات التواصل، بأراء النخب تغمز في النشاط الخيري لهذه الأطراف، وتسخر منه، وتصرفه إلى كل وجه، إلا أن يكون لمصلحة السكان، أو لوجه الله..
حوكمت النيات، خلافا للمنطق السليم، واتهم العمل في طرق تمويله، ونسي أصحاب دعوات "سدوا مسدهم أو اتركوهم يعملون" منشوراتهم..
إنها صورة من صور التمييز غير الإيجابي في الحياة العامة المنتشرة في مجتمعنا، ووجه من أوجه التضييق السلبي الذي لن يتوانى أصحابه عن ممارسته بشكل آخر يوم يكون لهم من الأمر شيء..
لا أذكر أن أي طرف من أطراف الحياة العامة الممارس للعمل الخيري بأوجهه المباشرة، وغير المباشرة، سبق له أن كاشف الرأي العام بطرق تمويل أعماله تلك، كما لا أذكر أن أية منظمة من منظمات المجتمع المدني (المتمحض) نشاطها في العمل الخيري قامت بذلك..
كل مصادر التمويل غير معلومة، ومعتم عليها، وما يحصل عليه جميع نشطاء العمل الخيري في بلادنا من نصيب "العَامِلِينَ عَلَيْهَا" مجهول أيضا، ولا يراد له أن يعرف كي لا يزاحم النِّيَاتِ..
كل النيات لو حوكمت بالمعيار البشري الدنيوي التنافسي سيكون فيه ما يقال في إخلاصها، وأهدافها من وراء تلك الأعمال الخيرية..
لذلك أعتقد أن الاستقامة الفكرية تفرض على الجميع احترام نشطاء الحياة العامة، بمستوى واحد، واحترام تخصيصهم لأعمالهم المختلفة، وأوجه صرفها، والابتعاد عن "عَيْبْ لَحْمِيرْ بَدْبَرْ"، كما في المثل الموريتاني الطريف..
ثم إن القانون الموريتاني يتيح لكل سبعة أشخاص متمتعين بحقوقهم المدنية إنشاء جمعية مدنية للنشاط الذي يختارونه، بغض النظر عن مركزهم القانوني أوالوظيفي، أو ارتباطاتهم الإجتماعية..
وعبر العالم يمارس كثير من نشطاء الحياة العامة، وأصحاب المراكز السيادية مباشرة، أو من خلال أشخاص من محيطهم الأسري أعمالا خيرية عن طريق منظمات مدنية..

نقلا عن صفحة الكاتب