1- دفالي ولد الشّين استيراتيجي. هو لا يفهم، وإن بأدب، "نوش" الجنرال عزيز الدائم للحوار. هذا حواره السابع. لا ما يأتيه ينفعه؛ ولا ما ينفعُه يأتيه. ولكن الحقيقة واضحة: إنّه يريد إجماعاً وطنياً لعبور أزمات تاريخية وحتى تحقيق صفقات تاريخية. فقط أحزاب المعارضة يمكنها إعطاء هذا الختم. ولكن الممارسات اللاديمقراطية للنظام ومنعه الديمقراطيةَ الموريتانيةَ من حياة حزبية سليمة أبقت الوضع الحزبي في هيئة الزعامية، لا المؤسساتية. هذا بالذات سيُصعِّبُ إجماعاً وطنياً بلا زعامات المعارضة، حتى ولو لم يتغيّب عن الحوار غير تلك الزعامات.
2- يُحاوِلُ النِّظام خلق زعامات "مُعارضة" بديلة لتزوير إجماع وطني. هذا مشروع فشل في نفمبر 2008 عندما تمّ سلخ جزء من حزب التكتل للإتيان به في أيام الجنرال عزيز التشاورية لتشريع ترشيحه للرئاسة. القوى التي انبثقت من هذه الصفقة (لنختزلها في كان حميدو بابا وولد بابانا) هي بالكاد قوى معارضة. وقطعاً لم تكن في حينه ذات مصداقية. وفقط مع الغدر بمشروع كان حميدو بابا "الوطني" في حوار "وطني" آخر في يناير 2010 وهو القاضي بإعادة الرموز الوطنية (إعادة كتابة النشيد والعلم) و"تأميم" اللغة الفرنسية، زيدَ من "راديكاليته" وأصبحَ، غضباً، معارضاً حقيقةً، لا خيالاً. لقد لعب دور العلقمي في المعارضة ثم في المولاة.
3- أظهر بلال ولد ورزك مؤخراً حِكمة سياسية. وكان بإمكانه بناء رأس مال سياسي للتحول إلى زعيم توافقي وطني في إحدى فترات الفراغ السياسي التي ستأتي يوماً ما. بدل ذلك فضّلَ الإفطار بالجراد. كان قد أظهر مقاومة مبدئية في المعارضة مع إبقاء نقد رصين للنظام. اليوم يلعب دوراً أقلّ نبالة وهو سرقة اليافطات الحزبية. نهاية رجل شجاع.
4- الانتهازية التاريخية التي وضعت رأسها في زمّالة الحمار بأن شاركت بانتهازية في انتخابات إقصائية ثم أرادت انتقاد انتخابات قادمة (ستشاركُ فيها طبعاً) أنها إقصائية لا تمتلك خطاباً، وتحديداً لا تمتلكُ وجهاً للنقد هاهنا. والانتهازية الأخرى التي هربت من الجنرال عزيز بسبب "موعدة وعدها إياه" ثم عادت له لموعدة أخرى هي بلا خطاب أيضاً. ومما يزيد من مأساتِها أنها، بعكس سالفتها، لا "مؤمنون" لديها.
5- لا مشكلة مبدئية في مساهمة النقابات في الحوارات السياسية. وقد استخدم خطاب ديماغوجي لمنعِها من السياسة. ولكن ماذا لو كانت قد قبلت هذا المنع وجعلته خطابها؟ وانتُخِبت على أساسه؟ ثم برّرت لنفسها المشاركة الاستثنائية في "السياسة" بسبب وضع استثنائي هو، من بين أشياء أخرى، تحالُفها مع المعارضة؟ في هذه الحالة لا تمتلكُ شرعية التفاوض خارج عن المعارضة.
6- أين هم الذين وبّخوا مسعود ولد بولخير على الرغبة في حكِّ الأكتاف مع النِّظام؟ يوجدون يتجشأون الآن في مقاعد الحوار. مسعود لا يوجد أمامهم. إن البلاء مؤكل بالمنطق. مسعود أكبر منهم.
7- وجود الديون الدولية على البلاد في ورشة حوار وطني- إن صحّ- يعكس حالة الأزمة الاقتصادية. ولطالما نصحنا المعارضة بإدماج سرقات النقد الدولي للبلاد في إطار معارضة راديكالية، ولكنها لا تحبُّ ذلك لاعتقادها أن "المانح الدولي" هو قوة يجب كسبها لا استعداؤها. مقاربة خاطئة ورجعية برأيي المتواضع.
8- المعارضة الموريتانية تُظهر استعداداً لخسارة الفتات مقابل مواقف مبدئية. هذا ليس سهلاً على قوى سياسية واقعية ذات التزامات ميدانية. وحتى أكثر الأحزاب حديثاً عن المبدئية لا تقدِرُ عليه. رغم هذا تبقى المعارضة في حاجة لترتيب الصفوف وتفعيل خطابها. أيضاً يجب الابتعاد في بياناتها عن اللغة الخطابية الأدبية الاستشهادية والإكثار من الحِكم الدارجة المُملّة. هذا يُترك لكتاب الرأي وللشعراء وللمتفسبكة. في البيانات السياسية يجب تقديم لغة عقلانية، رياضية، واضحة النقاط والتّرقيم، مقتضبة، وذات رسائل واضحة.
نقلا عن صفحة الكاتب