ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ ﻟﻠﺪﻭﺭ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺩﺍﺭﻱ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻲ ﻳﻼﺣﻆ ﻫﺸﺎﺷﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺘﺠﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺨﻠﻞ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻭﺍﻷﺩﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ، مما ﺳﺒﺐ ﺭﺩﺍﺋﻪ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ، ﻭﺃﺩﻯ ﻟﺘﺒﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﻬﺖ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ أو حتى في الولايات الحضرية.
ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺒﻨﻲ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻮﻛﻤﺔ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪﺓ ﻭﻣﻔﺮﺩﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺎﻡ ٢٠٠٤ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻓﺎﻩ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻇﻞ ﻣﺮﻫﻮﻧﺎ ــ ﻭﻻﻳﺰﺍﻝ ﺑﺮﻗﺎﺑﺔ ورغبة ﻭﺳﻠﻄﺔ ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻭﻻﺗﻬﺎ ووزرائها ــ بالالتزام بحسن النية في تنفيذ فروض اللامركزية.
فالملاحَظ أن النظام اللامركزي قد شهد أوج ربيعه مع بداية الفترة الانتقالية في الأعوام مابين 2005 ــ 2010 لكنه بدأ يتقلص شيئا فشيئا، ذلك أن الارادة الحكومية دعمت هذا المشروع رغبة في المشاريع التنموية الأوروبية التي رهنت وجودها بديمومة هذا المشروع ولو بشكل إسمي، حيث أن جل أو أغلب عمد البلديات لا يخفون نقدا وعدم رضى عن عدم تنفيذ البنود الحكومية المتعلقة بنصوص اللامركزية، وخصوصا مايتعلق بضوابط وزارة المالية، أو وزارة الداخلية؛ كما لايخفون امتعاظا من عدم اصدار المرسوم التطبيقي للأمر القانوني رقم 289/87 المحدد لصلاحيات البلديات، وتلك هي حالة أغلب النصوص القانونية في البلاد.
فاﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻐﻠﻮﻟﺔ ﺃﻳﺪﻳﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻤﺜﻞ ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﻭﻫﻴﺌﺎﺗﻪ ــﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﻤﺎ ﻗﻞ ﻣﺜﻞ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻨﻔﺎﻳﺎﺕ ﻭفرض وجباية ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ــ التي لا تكفي مداخيلها في تنفيذ أي مشروع إعماري لصالح التنمية المحلية.
إن ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻱ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺳﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻛﻴﺎﻧﺎﺕ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴة وﺫﺍﺕ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ، ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ، ﺑﺤﻴﺚ تمكن ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﺕ ﻣﻦ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ، ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻝ ﻛﻠﻲ ﻟﻘﻀﺎﺋﻬﺎ، ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻧﺸﺎﺀ ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﻤﺎﺋﻴﺔ، ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻻﺭﺗﻬﺎﻥ ﻟﻼﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، على الرغم من ضرورة الابقاء على الترابط الوزاري والحكومي مع الهيئات المنتخبة.
ﺇﻥ ﺍﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﺳﻌﺔ ﺗﻌﻄﻲ ﻳﺴﺮﺍ ﻟﻠﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﺃﻛﺒﺮ ﺫﺍﺕ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻣﺨﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻓﻚ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﺳﺘﺪﺍﻣﺔ ﻠﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻬﺎ.
ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻓﻘﺪ ﺃﻇﻬﺮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺩﺍﺭﻱ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻲ ﻟﺤﺪ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺯﺑﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻴﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﻼﻭﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻮﻱ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺎﺕ ﺗﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺗﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻏﻠﻮﺍﺀ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ،ﻭﺗﺴﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺩﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻧﺤﻮ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺸﺮﺍﻑ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻭﻳﺮﺗﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﺔ الإدارية ﺷﻮﻃﺎ.