تحديات مصر

أربعاء, 2014-11-05 07:33
رندة تقي الدين

لاتفاقات الاقتصادية بين كل من السعودية والإمارات مع مصر تشير الى رغبة الدولتين في دعم ومساعدة هذا البلد اقتصادياً وإنجاح مشروع رئيسه عبد الفتاح السيسي بعد الفشل الذريع لمشروع الرئيس «الاخواني» محمد مرسي. فالسعودية وقعت امس اتفاقاً مع مصر لتمويل تطوير محطتين للطاقة بقيمة ٣٥٠ مليون دولار وتأمين واردات المنتجات البترولية الضرورية لإنهاء ازمة الطاقة. وبلغت المساعدات البترولية السعودية الى مصر خمسة بلايين دولار. اما الإمارات فلديها مشاريع تمويلية عديدة في الأماكن الأفقر في مصر. والدولتان مصممتان على دعم بلد عدد سكانه ٨٥ مليوناً لإنهاضه وإخراجه من قبضة المشروع «الإخواني». ولكن اليد المزدوجة في هذه الحالة للإمارات والسعودية لا تكفي لإنهاض البلد. فعلى القيادة المصرية ان تقوم بالإصلاحات الاقتصادية المطلوبة التي تتطلب شجاعة وإرادة حقيقية. فلدى مصر عجز في الموازنة بقيمة ١٢ في المئة ونظام الدعم للطاقة والأغذية يمثل ثلث الموازنة والثلث الآخر يذهب الى معاشات الموظفين ويبقى الثلث للسياسة. اما إلغاء او تخفيض الدعم فيمثل موضوعاً حساساً وقنبلة موقوتة منذ ١٥ سنة في مصر وذلك في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. فاستمرار الدعم كان يمكن تغطيته في ذلك الوقت اذ ان مصر كانت تشهد نمواً عند مستوى ٧ في المئة. اما الآن فالمشكلة متفاقمة مع هبوط النمو الى ما بين ١ وواحد ونصف في المئة وفق احصائيات مصر لاقتصادها الرسمي، اما المؤسسات الاقتصادية العالمية فترى ان الاقتصاد غير الرسمي يمثل حوالى نصف او ما يعادل الاقتصاد الرسمي في مصر. وهذا الاقتصاد غير الرسمي مكّن مصر من الصمود ولكن سيئات الاقتصاد غير الرسمي هي غياب اي رسوم وضرائب وغياب التصدير فهو اقتصاد للاستمرار فقط.
على مصر ان تعالج مشكلة الدعم وأن تقوم بالإصلاحات الاقتصادية المطلوبة وأن تظهر هذا التوجه قبل المؤتمر الاقتصادي المتوقع عقده في شباط (فبراير) المقبل. فالأسرة الدولية تنتظر اشارات مهمة قبل هذا المؤتمر إما نحو تحوله الى مؤتمر للمستثمرين لإنهاض مصر او أن يكون مؤتمراً للمانحين فقط. وإضافة الى ذلك تحتاج القيادة المصرية الى التعقل في الأحكام القضائية على الصحافيين وما يخص حقوق الإنسان لأن ذلك اساسي للشعب المصري الذي ثار لتغيير الأمور. فلا شك في ان مهمة القيادة المصرية صعبة انما عليها ان تؤكد للأسرة الدولية ومن يرغب في مساعدة مصر انها عازمة على ان تقوم بالإصلاحات لاستيعاب الاستثمار والدعم. فيد واحدة لا يمكنها ان تصفق اي ان الدعم المالي وحده لن يساعد على انهاض مصر. والاهتمام بتحسين الاقتصاد يجب ان يكون اولوية مع الحرص على مكافحة الفساد بقدر الإمكان الذي هو مرض الدول العربية من العراق الى لبنان وسورية.
فالرئيس السيسي سيقوم بأول زيارة الى فرنسا ثم ألمانيا في منتصف الشهر الحالي ومن المهم ان تكون تلك فرصة له كي يوضح خطته للدول الغربية قبل المؤتمر الاقتصادي في شباط. والآن والعالم العربي دخل مرحلة اقتصادية اصعب نتيجة انخفاض اسعار النفط التي سيكون لها تأثير في مساعدات الدول الغنية وفي الأموال التي تأتي من هجرة المصريين الى دول الخليج، على القيادة المصرية ان تتنبه لكل هذه الأمور وأن تظهر للعالم انها جادة وأنها الخيار الناجح بعد سقوط مرسي في قيادة بلد أراد التخلص من حكم «الإخوان» وأعطى فرصة لقيادة السيسي.