الآتى أعظم

اثنين, 2015-10-05 10:33
جيلان جبر

تحت عنوان الحرب ضد الإرهاب وأشكاله: (داعش) وإخوانه، كسر الدب الروسي عزلته التي تسببت فيها مشاكله وطموحاته في أوكرانيا، فوجد أن التقدم والسيطرة بالجيوش والأسلحة على الأرض السورية حق استراتيجي ليفرض نفسه لاعبا قويا لا يمكن تجاهله أو حتى الاستخفاف بحقوقه المستقبلية في المعادلة السورية، ويبقى الآن السؤال: هل ينجح بوتين فيما يسمى «الحرب ضد الإرهاب» في هذه المرة، حيث فشل أوباما، وهل ستؤدى خطواته المتسارعة التي حصد منها عدة مكاسب عسكرية واقتصادية، منها قاعدة جوية، بالإضافة للقاعدة للبحرية المتواجدة على المتوسط منذ عقود، والإشراف على عدد من حقول الغاز المستقبلية إلى شيء؟.. إذاً فاندفاع بوتين على توسيع دوره فى سوريا ضمن مخطط تم باحتراف مبنى على تردد وفشل للدور الأمريكي وتخاذل أوروبي وتخبط عربي، جعله يظهر نفسه بدور من يحتوى كل هؤلاء الأطراف في كل مرحلة حتى إسرائيل.

فقد أراح الجميع ليؤرقهم بعد ذلك بتمديد حدود الإمبراطورية الروسية إلى ضفاف البحر الأسود، إلى مشارف آسيا الصغرى التي كانت نقطة الوصول إلى حيث المياه الدافئة قرب مضيقي البسفور والدردنيل، ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط بخطة الهروب إلى الأمام وتحسين أوراقه التفاوضية على رفع العزلة عنه التي أدت إلى الانخفاض في المعدل الاقتصادي.

يعتمد هنا الرئيس الروسي على تفهم الصين ومساندتها له ليس فقط بصوت في مجلس الأمن، بل عبر زيارة حاملة طائراتها منطقة النفوذ الروسي على الساحل السوري. وبالطبع هناك العلاقة الروسية- الإيرانية المميزة في العمل والتنسيق، لأن طهران لن تنتظر اللاعب الأمريكي في لعبة إعادة صياغة المنطقة.

يكمن التحدي الأكبر الآن أمام واشنطن وباريس ولندن وبرلين في التعاطي مع الهجمة الروسية وآفاقها. يمكن أن تبدأ المقايضة حول الأزمة الأوكرانية عبر تخفيف أو إلغاء العقوبات ضد القيصر، مقابل إخراج حل سياسي واقعى في سوريا يضمن مصالح روسيا، ويمكن أن نشهد اختبار قوة إذا قرر أوباما تغيير نهجه.

ففي الحرب الجوية لا يتوقع الإخصائيون أن يسجل بوتين انتصارات فارقة على الأرض، إلا إذا خاض معه في الأيام القادمة المحور الإيراني معارك برية على الأراضي السورية. ولذا في حالة عرقلة وانسداد الحوار السياسي المثمر بين واشنطن وموسكو، لن تؤدى اندفاعة بوتين إلا إلى المزيد من التعقيد للوضع السوري على الساحل المتوسط، ولكن من الصعب التمركز في هذه البلاد واحتلالها طويلا كما علّمنا التاريخ. فانتبهوا: وجب على مصر وضع اختيار آخر يستقطب آلية الحلفاء المختلفين حتى لا تنزلق في ظل ما نلاحظه الآن من جانبنا من أن هناك ترقبا مع الكثير من المتابعة والصمت قبل الكشف عن نوايانا للتحول لدعم محور معين لأن في كل حالة منها سندفع ثمنا!!

لذلك وجب أن يكون هناك طرح مصري مختلف يجد فيه الحلفاء مصلحتهم، فلا يمكن الاختيار بين داعش وبشار أو بين روسيا والأمريكان، أو أطماع تركيا وتمدد إيران. تفرض فيه مصر حلا من خارج الصندوق وإلا سيكون الآتي أعظم.