
لا يَخفى على الزائر لقرية "تمبيعلي" أن كل أيام شهر المولد الكريم أيام أعيادٍ بالنسبة لمشاييخ وتلامذة محظرة ومعهد الشيخ الهادي بن الشيخ سيدي مولود فال، بَيْدَ أن الموسم هذا العام "ذو طابع خاص، حيث يعتصر ألمُ الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قلوبَ المحبين في القرية المُحبة" يقول أحد السكان من الطلبة النيجيرين، معتبراَ أن "موسم النصرة هذا سيتواصل حتى نهاية شهر مولد النبي الكريم".
محاضرات دينية في السيرة النبوية ومدائحُ، تبدأ وتنتهي بختم القرآن الكريم أكثر من مرة، في أقل من نصف ساعة، حيث يتكفل كل طالب أو شيخ أو زائر بتلاوة جزء من المصحف الشريف، ويتأكد الشيخ المشرف من اكتمال ختم القرآن حال إعادة كل أجزاء المصحف إليه وسط حلقة الذكر.. وبين كل محاضرة وأخرى، ودرس وآخر، يخلد الجميع إلى راحة قصيرة "لتغذية الروح من غذاء المحبة، بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم" حسب الأستاذ اليدالي، وهو أحد الشباب الذين يؤطرون موسم النصرة في القرية، ويضيف متسائلاَ:" مَنْ لَنا في دار الآخرة غيره؟ من نرجوا شفاعته؟..موْلاي صل وسلم دائما أبدا....على حبيبك خير الخلق كلهم".
أما الأستاذ الحاج ولد السيد، رئيس رابطة شباب القرية، فيؤكد أن موسم النصرة شهد إقبالا كبيرا هذا العام، رغم عزلة القرية، ووعورة الطرق المؤدية إليها، والأهم بالنسبة له هو أنه "مع كل موسم يتم اكتشاف مواهب شبابية جديدة في مختلف العلوم ...شعراء خطباء، حفظة ومقرئين، كما يتم تخرج الكثيرين من موسم لآخر".
من المواهب التي تم الإعلان عنها هذا الموسم شاب نيجري حفظ القرآن في وقتِ قياسي، وأصبح مدرساً للتجويد في محظرة الشيخ الهادي، لكن موهبته تمثلت أساساً في كتابته مُصحفاً كاملاً بخط يده (أنظر الصور) بطريقة أعتبرها الجميع أبداعا غير مسبوق، وفي أقل من شهرين، رغم مشاغله الجمة.
شيخ القرية الشيخ التجاني ولد الشيخ الهادي تولى بنفسه تشجيع الفتى النيجري بمبلغ ماليّ مُعتبر، وكرّمه بأعلى وسام في المحظرة، متمثلا في العمامة البيضاء، فضلا عن الثناء عليه، كما حثَ الشيخ التجاني الطلبةَ والمريدينَ القادمين من كل الاصقاع والامصار على التفاني في طلب العلم واتباع هدي محمد صلى الله عليه وسلم، واصفا الفتى النيجري بـ"المثالي في تحصيل العلوم وابتغاء الخير".
وقال الشيخ التجاني، مخاطبا الجموع المشاركة في موسم النصرة "إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تؤدي حتما إلى الإلتزام بسنته العطرة" واستشد بنصوص كثيرة من الكتاب والسنة، في محبته صلى الله عليه وسلم، داعيا إلى "العض على السنة بالنواجذ" وتعليم الأجيال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
يذكر أن تلامذة وطلبة محظرة ومعهد الشيخ الهادي، بقرية تمبيعلى يناهزون الألفين، منهم المئات من جنسيات مختلفة، وتتكفل مشيخة آل سيدي مولود فال بإيوائهم الكامل، كما يُدَرس بالمعهد والمحظرة عددُ ممن تخرجوا وأجيزو على يد المشيخة.