تعليقا على خطوات الحكومة ضدّ الفساد

محمد يحيي ولد العبقري

أقدّم لهذا المكتوب بمعطيات دولية موجزة ومخيفة:

- يسْتدينُ الناسُ لشِراءِ أدوية مغشوشة وهي في الغالب تسببُ دماَر صحتهم ووفاتهم.

-يبلغ حجمُ مبيعاتِ الأدوية المزورةِ :75 مليار دولار سنويا.

-تتسبب الأدوية المزيفة في وفاة مابين نصف مليون إلى مليون شخص سنويا.

فكم  عدد من تُوفوا بهذه الأدوية في موريتانيا ؟ 

أودّ لفت الانتباه إلي أن استفحال الفساد في البلاد وفي جميع القطاعات أضحي مسألة إجماع, لا تجد من يشكّك فيها ,لا من الشعب ولا من الرّسميين .

لقد أصبح الجميع في القطاعين العام والخاص مصابا بالملل من الكلام حول هذه المعضلة حيث لم يشهد مواجهتها بحزم.

ويسود اعتقادٌ عام أن لا حل في الأفق بالنظر إلى قوّة وصلابة العلاقة بين المفسدين ومن عليهم مواجهتهم.

ولأن السلطات العمومية المعنية  لا تقوم بإجراءات مضادة وإن فعلت ففي أقصى ما يكون من اللّين فقد ولّد هذا الوضع الاستياء والقنوط وفتح الباب أمام الظاهرة المخزية لتعمَ عدواها كلّ محيط.

فعلى مستوي الصحة يهجر الناس القطاع العام لجزمهم بلامبالاةٍ تنتظرهم وأن الأفضل الانتظار في البيت  في حال المرض حتى يحكم الله بدل دخول مرفق ٍ لا يُلاقي فيه إلاّ الَّضّررُ.

وأما على مستوي القطاع الخاص فوحدهم المفسدون من يمكنهم الاستطباب من خلاله بسبب غلاء الخدمات التي مع ذلك تتم في جوّ خشن .

فالطبيب لا حدود لعدد من يقابل فإن كانوا عشرين أو أربعين أو أزيد فلا بأس المهم أن يدفعوا كما هو معروف عن زعيم أكبر اقنصادعالمي .

وأما التسعيرة فأقصى ما تكون مصحوبة بأخلاق مهينة تتنكّر للدّفع وتهين المريض ظاهرة وباطنة  وهي لا تماثل ولا تماشي أيّة منظومة في العالم. 

وفى نفس السياق –اعتمادا علي ما يشاع -يتم النصح بعمليات جراحية يمكن تفاديها والأمثلة التي يروي الناس في هذا الصدد كثيرة أضف إليه سوء التشخيص فما إن يبادر المريض بالذهاب للخارج يحصل على تشخيص مناقض تماما.

 والحقيقة أن كل الإجراءات المتبعة في مجال الخدمة العمومية تستحق التأفُفَ عن عمق إذ لا تجد مطلقا من يزكيها  .

وفى الصيدلية تلاقي أطفالا ورجالا لا دراية لديهم بالدواء وبعض الأحيان يعجزون عن قراءة الوصفة فيتبادلونها كل بفراسته وقد يصرفون دواء لا يمت لها بصلة .

أما المكان فمماثل تماما لحوانيت بيع الجملة والمفرد ,لا تبريد ولا تطهير ولا عناية كأنك في حانوت بيع للمواد الغذائية أو الخضروات أو...

وبما أن الصحة هي الحياة وبما أن المناخ العام الذي تتم فيه عندنا أقل ما يوصف به أنه دنيء بكل المقاييس فانه من واجب الكل التدخل بالذي يستطيع لتقويم الوضع إن كان لا يزال من الممكن تقويمه. 

ولأجل مواجهة هذه الضيقات المبشرِّة بكوارث أعتقد أنه يتوجب على الشعب كلّه دعم توجهات الحكومة لتدرك أن جبهة كبيرة تقف معها لإصلاح الحال .

وفي مقام آخر يكون ذلك برهانا ورسالة للمفسدين الذين لا يهمهم سوي الثراء ولو كان على حساب انقراض وموت الجميع .  ؟

 وسعيا إلى الموضوعية أذكر أن التعميم غير وارد, فبالطبع ثمة من الناس من هو مستقيم يخاف الله ويبخس الأرباح إن كانت على حساب الخير للبشرية.

أكرّر أنه على الشعب تنظيم وقفات وكتابة مقالات وإقامة ندوات و ورشات بل ومؤتمرات تنديدا بهذه الأفعال القذرة غير السوية, المميتة.  

هذا ولم أقف على مبرر لهذه الأفعال اللهم إن كان أصحابها يؤمنون بمذهب :مالتوس:1766-1834الداعي لضبط  عدد السكان بالنظر إلى شح الموارد الغذائية ,فلعلهم يريدون تطبيق نهجِه من خلال الأدوية المنتَجةِ من شجرة الموت : Mancenillier.

وخلاصة الأمر أنه إذا لم تتخذ إجراءات صارمة لضمان جودة الدّواء والتأكد من مصادره فإن موريتانيا علي موعد مع نكبات على نحو مفجع .

ولأن هؤلاء نقضوا عهدهم وأخلو بدفاتر الالتزامات المبرمة معهم وعرّضوا حياة النّاس للخطر المؤكّد فعلى الجميع أن يكون بالمرصاد لهم لتحقيق العدل وحفظ الأنفس قبل فوات الأوان.

ومن جهة على الدولة مدعومة برأي عام وطني موحد متابعة  المسؤولين عن المخالفات ورفع ملفاتهم أمام المحاكم المختصة إذ لا مجال لفلسفة :عفي الله عن ما سلف  التي إن كانت تجوز في أكل المال العام والترقيات فإنها محرّمة هنا و مواجهتها فرض عين لا كفاية.

كما يتوجب تنظيم مسيرة كبيرة تنوّه بعمل الحكومة في عديد المجالات:الصحة ,الاهتمام بالطبقات الهشة الخ...

إخوتي إذا لم تقوموا بتشجيع النظام فثمة أقوام أشدّاء سترون ما سيفعلون ,فقد خبروا  لعبة المصالح الضيقة وتفضيلها على الصالح العام وسيقومون بأشياء مرعبة.

 أدام الله عافيته على الجميع ...

سبت, 16/11/2019 - 18:26