صاحب الرواحية  رضي الله عنه أراحنا   (١)

شحادة العَمْري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي كل توفيق وحمد والصلاة والسلام على سيدنا محمد من قبل ومن بعد وبعد:
  فلعل هذا العنوان غريب وعجيب
وإذا قرأت مضامينه زالت الغرابة
وانقشع العجب
وقبل التعريف بسيدي ساكن غرفة الرواحية نور الله قبره أقول:
  إن المدارس كانت في زمانها كالجامعات في زماننا مع فروق كثيرة أبرز هذه الفروق أن العمل بالعلم كان شعارها ودثارها ومن لم ينل الشعار ولا الدثار تلفظه هذه المدارس ولا تبالي
وقبل تعريفكم  بسيدي صاحب  غرفة الرواحية أعرفكم بالرواحية
الرواحية مدرسة كانت تدرس طلبة العلم ينام فيها الطالب ويأكل ويشرب ويدرس حتى يرتقي بشتى العلوم 
هذه المدرسة العظيمة لصق الجامع الأموي من جهة باب جيرون ( باب النوفرة) 
في دمشق عاصمة بني أمية كانت هذه المدرسة المباركة يؤمها الطلاب ليعيشوا فيها وفِي أكنافها
 ومن الطلبة الأخيار الذين درسوا فيها صاحب الترجمة
عاش سيدي صاحب الترجمة رضي الله عنه فيها أعواماً مديدة 
وشهوراً عديدة لم يترك غرفته الصغيرة التي تراكمت فيها الكتب من كل الفنون 
سكن غرفة صغيرة بحجمها ولكنه في عطاء ساكنها رضي الله عنه اتسعت للملايين من المحبين بل أضحت كعبة العلماء العاملين 
   رأى الشيخ الكمال اسحق المغربي ثم المقدسي شيخ المدرسة الرواحية - هذا الامام المتفق على علمه وزهده وورعه - رأى رضي الله عنه مخايل الذكاء والوفاء متوافرة بشيخنا صاحب الترجمة  فأكرمه بغرفة صغيرة استنارت بنور علم ساكنها طالباً ثم عالماً ثم مجتهداً وقد رشحت كراماته وانتشرت ومنها أنه لم يجد شمعة ليكتب فأنار الله إصبع يده اليسار ليكتب بيده اليمين وهذا يسر أن تضيء اليسار ليكون من أهل اليسار
هذه الغرفة الصغيرة دخلها شيخ الإسلام ومفتي الأنام الإمام تقي الدين السبكي رضي الله عنه ليزور ساكن الغرفة فتسكن جوارحه برؤيته ولكنه لم يره فيها فقد مات شيخنا وسيدنا صاحب الغرفة رضي الله عنه وأرضاه 
وضع شيخ الاسلام السبكي خده على أرض الغرفة لعلها تمس موضع قدم ساكنها
أتدرون من هو سيدي صحب غرفة الرواحية الذي غادرها لزيارة أهله في نوى وفِي نوى رحل عن الدنيا وما فيها وأقبل على الآخرة التي أعدها الله للمتقين ( والآخرة عند ربك للمتقين)
إنه سيدنا الولي الصالح العارف بالله تعالى الإمام النووي رضي الله عنه وأرضاه
  وللبحث بقية إن شاء الله تعالى
       والحمد لله رب العالمين
   خادم العلم الشرعي
شحادة حميدي العمري
صباح الجمعة ٢٤/١/٢٠٢٠

جمعة, 24/01/2020 - 10:04