نبض الشارع الموريتاني

إسلمو ولد سيدي أحمد

لقد كنتُ من الداعمين لفخامة الرئيس/ محمد ولد الشيخ الغزواني/ حفِظه الله. وما زلتُ كذلك، لقناعتي بأنه قادرٌ على إجراء تغييرات جذرية على أساليب ونُظُم إدارة الشؤون العامة للدولة. وعبّرتُ عن ذلك في عدة مقالات، منها مقال بعنوان: "وجهة نظر في أحد المترشحين لرئاسة موريتانيا"، وآخر بعنوان "مرشح تكريس العدل وبناء الثقة".

وقد لحظتُ في الآونة الأخيرة أنّ بعضَ المواطنين (الشباب بصفة خاصة) بدأ يتسلل إليهم شيء من الإحباط النفسي بسبب استمرار الحكومة في نهْج الحكومات السابقة، في الجُزئية المتعلقة بإجراء تبادل بين الموظفين السابقين (بين الفينة والأخرى)، بدل ضخ دمٍ جديدٍ في الإدارة من خلال إتاحة الفرصة في هذه التعيينات لوجوه جديدة.

أقول للإخوة المُتمَلْمِلين من هذا الأمر، إنّ الوقت ما زال باكرًا على تمكُّن الحكومة الجديدة من رسم خُطة لتصحيح الأوضاع التي كانت سائدة. فليمنحوا مهلة كافية للرئيس وللحكومة، تمكنهم من اختراق ما يسمّيه بعضُهم "الدولة العميقة".

ولعل فخامة الرئيس، يتنبه لتطلعات المواطنين الذين راهنوا/ ويراهنون على أنه وعد-في برنامجه الانتخابي- بالمحافظة على المكتسبات الوطنية وسد الثغرات الموجودة في طرائق تدبير الشأن العام، وتسيير شؤون مؤسسات الدولة بصفة خاصة (ومن هذه الثغرات: أساليب التعيين في الوظائف).

 وعلى الحكومة الموقرة أيضًا، مراعاة ما ينتظره المواطن منها. وفي مقدمة انتظارات الموريتانيين، بصفة عامة، اتخاذ إجراءات حكومية تثبت أن الحكومة الحالية ليست، نسخة طبق الأصل من الحكومات السابقة.

لا يعني ذلك-بالضرورة- القطيعة مع النهج السابق، بقدر ما يعني الحرص على مراعاة نبض الشارع الوطني والإحساس بما عاناه في السابق من غبن وتهميش وعدم تكافؤ للفرص عندما يتعلق الأمر-على سبيل المثال لا الحصر- بالتوظيف في مؤسسات الدولة.

لا يجوز أن تظل مجموعة معينة تهيمن على الوظائف، ومجموعات أخرى خارج الميدان.

يُطلِق الموريتانيون على هذا النهج: "التْبَاتِيرْ"، وهو تعبير دخيل على الحسانية، معناه في اللغة المقترَض منها: خَلط أوراق اللعب، مأخوذ من التعبير الفرنسي: battre les cartes. أي أن المسؤولين عن التوظيف،  يأخذون موظفي الإدارة السابقين ويُخضِعونهم لعملية تشبه عملية تخليط الأوراق، ويجعلونهم يتبادلون الأدوار.

حفظ الله بلادنا من كل مكروه، وأعاننا جميعًا (حاكِمِين ومحكُومِين) على تحقيق ما نصْبُو إليه من تقدم وازدهار في ظل الأمن والاستقرار.

جمعة, 24/01/2020 - 15:47