نحو تعايش اقتصادي مع أزمة كورونا

 الفتح الشيخ محمد احمد

تزايدت في الأيام الاخيرة الأعداد المسجلة من الإصابات بفيروس كورونا المستجد Covid19 في بلادنا، وذلك في ظل إجراءات إغلاقٍ شملت الدراسة والتنقل بين الولايات إضافة لحظر تجوال ليلي وإغلاق كلي للحدود.
إن هذه الموجة الثانية التي رفعت عدد المصابين من نحو 10 أشخاص إلى أكثر من 500 والوفيات إلى أكثر من 20 لجديرة بالتوقف لأخذ التدابير اللازمة ليس فقط من أجل تفادي موجات أخرى من الوباء وإنما أيضا لدراسة الخيارات الاقتصادية التي تسمح بتجاوز الأزمة دون الوصول لمرحلة الركود الاقتصادي.
لقد بدت التدابير الحكومية حتى الآن واعية بحجم الأزمة المتوقعة حيث سارعت لفتح صندوق خاص، وعملت على تعديل ميزانية 2020 بما يتناسب مع المستجدات المتعلقة بانتشار الوباء في البلاد والعالم، كما أقرت خطة للتدخل للحد من معاناة الطبقات الفقيرة، ومع ذلك فقد تركت الإجراءات الوقائية المتخذة منذ بداية ظهور الفيروس في بلادنا آثارا متعددة، ففي حين أن تأثيراتها السريعة تتضرر منها بعض فئات المجتمع بشكل مباشر كالتجار والباعة واليد العاملة في مجال الخدمات والطبقات الفقيرة عموما، فإن تأثيراتها على الاقتصاد الوطني عموما حاصلة لامحالة وإن لم تظهر بشكل جلي وتأخرت إلى حين، مالم يتم تفادي ذلك بخطط مدروسة.

إن استمرار الإغلاق على هذا النحو لفترة طويلة ستكون آثاره الإقتصادية والاجتماعية صعبة على الاقتصاد الوطني الذي كان يتطلع لتحقيق نسبة نمو 6.3% وضبط معدل التضخم عند 3.5%، فإغلاق المطارات في وجه الرحلات الداخلية والخارجية، وتوقف النقل بين المدن وتوقف السياحة بشكل كلي، إضافة إلى التضرر الحاصل في المجال التجاري، أمور لايمكن تجاهل تأثيراتها المتوقعة على الاقتصاد الوطني خاصة مع احتمال تأثر اسعار الصادرات الموريتانية في الأسواق العالمية نظرا لتعطل الكثير من المصانع في العالم.

إن الإقلاع من الواقع الحالي نحو المستقبل أمر بحاجة إلى جملة من الإجراءات قصيرة ومتوسطة المدى لعل من بينها:
- العمل على التنفيذ الجيد للميزانية المعدلة المعتمدة مؤخرا من البرلمان والتي وصلت إيراداتها المتوقعة إلى 55,025 مليار أوقية جديدة،
- تنفيذ إجراءات صارمة لكسر الموجة الحالية من الإصابات وذلك لمدة محدودة تصبح الحالة بعدها مستقرة تسمح ب"التعايش الاقتصادي" مع الإصابات المحتملة بحيث يجري الفتح الواعي للأسواق وفتح حركة النقل داخل البلاد، والسماح بتنظيم رحلات دورية للبلدان الأكثر ارتباطا ببلادنا صحيا وتعليميا.
- مواصلة إجراءات التخفيف عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة من المجتمع من خلال الإعانات المباشرة وضبط الأسعار ودعم السلع الاسهتلاكية.
- وضع وتنفيذ تصور لتنشيط السياحة الآمنة في مناطق مختارة من البلاد.
- العمل من الآن على ضمان افتتاح السنة الدراسية المقبلة بطريقة جيدة ومايتطلبه ذلك من تجهيز البنى التحتية اللازمة لاستيعاب الطلاب والتلاميذ وذلك على المستويين الرسمي والخاص.
- العمل على نهضة زراعية تستغل المتاح من الأراضي الصالحة للزراعة وتستخدم الموارد البشرية المتوفرة وتستهدف تحصيل اكتفاء ذاتي في مجال الحبوب وبعض الخضروات الأكثر استهلاكا.
وخلاصة القول أن الفرصة لاتزال متاحة لتفادي أزمة اقتصادية لايتحملها الاقتصاد الوطني، بل يمكن إذا أحسن التخطيط وأحكمت الإدارة أن تتخذ بلادنا من هذه المحنة فرصة للعمل على تقوية إقتصادها أمام الصدمات وإعطائه قوة ذاتية تتمثل في تنويع الموارد وتقليل الإيرادات وتحقيق إكتفاء ذاتي في مجالات غذائية مهمة. 

اثنين, 01/06/2020 - 09:50