دول الساحل و فرنسا..الآمال والتحديات

 محمد ولد سيدي

ترتبط دول الساحل الإفريقي إرتباطاً تاريخياًّ واستراتيجياًّ بالدولة الفرنسية المستعمرة قبل أي دولة أخرى ..

تعاني دول الساحل الخمس من مشاكل إقتصادية و إجتماعية وسياسية وأمنية و من حروب أهلية وطائفية و صراعات أيديولوجية زيادة على ذلك أن دول الساحل ملاذ لتجار الجريمة المنظمة ؛ الخطف والمتاجرة بالمخدرات وتهريب السلاح وقد ساعد على هذه المشاكل وعورة التضاريس والتصحر وإتساع رقعة مساحة كل دولة من دول الساحل الخمس. 

تبلغ مساحة دول الساحل الخمس 5, 5مليون كلم٢ وعدد سكانها حوالي 70مليون نسمة ... 

بالمقابل تزيد مساحة أربع دول من دول الساحل على مساحة فرنسا هي موريتانيا و إتشاد والنيجر ومالي ،وفي نفس الوقت يبلغ عدد سكان فرنسا عدد سكان دول الساحل الخمس.

تحديات..القاعدة والهجرة السرية والأزمات السياسية 

أن تنشأ منظمة إقليمية تعتمد على المساعدات الخارجية لحل مشاكلها فهذه" مفارقة "،المعادلة الحقيقية و المنطقية تكمن في " أمن دول الساحل قبل أمن أوروبا " ،وليس " أمن أوروبا قبل أمن دول الساحل " ولحل هذه المعضلة لابد لدول الساحل أن تتصالح مع شعوبها، فيد العسكر قاسم مشترك، والأنظمة الحاكمة دكتاتورية بالمجمل بإستثناء موريتانيا وإن كان للجيش بصمته الخاصة في الولوج الى السلطة. 

على دول الساحل إذا أرادت أن تؤسس كياناً مستقلاًّ مبني على أسس قوية ومتماسكة أن تعتمد أولاًعلى الحكامة الجيدة وتحارب الفساد و تفتح مجالاتها البرية أمام حركة التبادل التجاري وعليها أيضا أن تنشأ شبكة من الطرق والسكك الحديدية وتنشأ شركات للإستثمار في كل دولة عضو، فإذا ما تجاوزت إشكالية الحكامة الرشيدة منطلق كل مشروع تنموي ومفتاح كل نهضة ونماء فإن دول الساحل ستخطو خطوات متقدمة نحو أسس التكامل الإقتصادي شأنها في ذلك شأن الأتحاد الأوروبي الذي بدأ بعدد دول الساحل الخمس في النصف الثاني من القرن الماضي. 

كل دول الساحل الإفريقي حبيسة بإستثناء موريتانيا ولكن بحكم قربها من دول المتوسط وقرب الأخيرة من أوروبا فإن مهاجري دول الساحل يلجؤون الى الفردوس الأوروبي عبر الجزائر وليبيا وعبر شواطئ الأطلسي عن طريق موريتانيا والمغرب لذا تعمل أوروبا خاصة فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وألمانيا على تشديد الرقابة في وجه آلاف المهاجرين من دول المنطقة بالتعاون مع حكومات دول الساحل مقابل مساعدات مالية وتمويل برامج تنموية. 

مفارقات في محاربة الإرهاب في دول الساحل 

تقوم الدنيا وتقعد عند إختطاف رعايا من دول الغرب، فتلجأ هذه الدول التي تحارب الإرهاب الى الإتصال بصفة غير مباشرة مع مختطفي الرهائن الغربيين عن طريق قنوات خاصة تتفاوض معهم وتدفع لهم عشرات ملايين الدولارات وبهذه الخطوة فإن دول أوروبا والغرب قاطبة شجع الإرهاب في دول الساحل ففي زمن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي حررت فرنسا رهائن مقابل صفقات مالية وكذلك فعلت إيطاليا وإسبانيا وكندا ودول أخرى وهذه الخطوة عابها عليهم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز في أكثر من مقابلة .

جاءت قمة نواكشوط بعد إنفراج في جائحة كورونا التي دمرت الأقتصاد العالمي مما قد يؤثر بشكل كبير على دول المنطقة فالدول المانحة لم تخرج من عتمة الأزمة الأقتصادية التي ضربت العالم بسبب كوفيد 19 و أخطر تحدي للدول الخمس هو تحدي الفقر وتحدي الأمن وتحدي الإستقرار وتحدي البطالة. 

أمن دول الساحل، أمن لأوروبا، ولكن..على دول الساحل أن تضمد جراحها أولاً وقبل كل شيء، وتعمل على فك الإرتباط بأم المستعمرات فرنسا في غذائها، وثقافتها، فهناك قوى جديدة أكثر نفعاً من فرنسا بدأت بعض دول الجوار تتجه إليها، فماذا جنت دول الساحل الإفريقي من فرنسا غير التبعية الأقتصادية والثقافية والتخلف؟ 

أربعاء, 01/07/2020 - 10:44